كتاب المبدع شرح المقنع - عالم الكتب (اسم الجزء: 2)

ومن أراد الصدقة بماله كله وهو يعلم من نفسه حسن التوكل والصبر عن المسألة: فله ذلك وإن لم يثق من نفسه لم يجز له ويكره لمن لا صبر له على الضيق أن ينقص نفسه عن الكفاية التامة.
-------------------------------------------------
الواجب.
"ومن أراد الصدقة بماله كله" وكان منفردا "وهو يعلم من نفسه حسن التوكل" وهو عبارة عن الثقة بما عند الله واليأس عما في أيدي الناس "والصبر عن المسألة فله ذلك" وحكاه عياض عن جمهور العلماء وأئمة الأمصار لقوله تعالى
{وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: من الآية9] وجاء أبو بكر بجميع ما عنده فقال له النبي صلى الله عليه وسلم "ما أبقيت لأهلك" فقال الله ورسوله فكان هذا فضيلة في حق الصديق لقوة يقينه وكمال إيمانه وهذا يقتضي الاستحباب وعن عمر رد جميع صدقته ومذهب أهل الشام ينفذ في الثلث وعن مكحول في النصف
"وإن لم يثق من نفسه لم يجز له" ذكره أبو الخطاب وجزم به في الوجيز لما روى جابر مرفوعا قال "خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى" رواه أبو داود فيمنع من ذلك ويحجر عليه وفي المغني والشرح أنه يكره فإن كان له عائلة ولهم كفاية أو يكفيهم بكسبه جاز لقصة الصديق
"ويكره لمن لا صبر له على الضيق" ولا عادة له به "أن ينقص نفسه عن الكفاية التامة" نص عليه لأن التقتير والتضييق مع القدرة شح وبخل نهى الله عنه وتعوذ النبي صلى الله عليه وسلم منه وفيه سوء الظن بالله تعالى وظهر مما سبق أن الفقير لا يقترض ولا يتصدق لكن نص أحمد في فقير لقريبه وليمة يستقرض ويهدي له وهو محمول إذا ظن وفاء.
مسألة: يحرم المن بالصدقة وغيرها وهو كبيرة نص أحمد فيها ويبطل الثواب بذلك وللأصحاب فيه خلاف وفي بطلان طاعة بمعصية واختار الشيخ

الصفحة 403