كتاب الإيماء إلى أطراف أحاديث كتاب الموطأ (اسم الجزء: 2)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
---------------
= كذا قال الذهبي عفا الله عنا وعنه، وتابعه على اتهام وهب بالقدر: ابنُ حجر فقال في ترجمة محمد بن مفرج القرطبي: "قال ابن الفرضي: تُرك؛ لأنه كان يدعو إلى بدعة وهب بن مسرة، ووهب كان قدريًّا". اللسان (٥/ ٣٨٧).
وقال في ترجمة وهب (٦/ ٢٣١): "من العلماء بالفقه والحديث، تكلم في شيء من القدر فعابوا عليه، وتبعه جماعة على مقالته".
وهذا الكلام الذي نقله الحافظان ليس في شيء من كتب تراجمَ الأندلسيين، فلم يتّهما أحدٌ منهم وهب بن مسرة الحافظ السني بما ذُكر، والخطأ والغلط والوهم في ذلك من الذهبي وابن حجر؛ اختلط عليهما وهب بن مسرة الحافظ بمحمد بن عبد الله بن مسرة بن نجيح البجلي، من أهل قرطبة، وتُنسب إليه البدعة، فيُقال: بدعة ابن مسرة.
قال ابن الفرضي: "قال لي الخطاب بن مسلمة: اتُهم بالزندقة فخرج فارا، وتردّد بالشرق مدة، فاشتغل بملاقاة أهل الجدل، وأصحاب الكلام والمعتزلة، ثم انصرف إلى الأندلس فأظهر نُسكًا وورعًا، واغترّ الناس بظاهره، فاختلفوا إليه وسمعوا منه، ثم ظهر الناسُ على سوء معتقده، وفتح مذهبه فانقبض من كان له إدراك وعلم، وتمادى في صحبته آخرون غلب عليهم الجهل فدانوا بنحلته، وكان يقول: بالاستطاعة، وإنفاذ الوعيد، ويحرّف التأويل في كثير من القرآن. إلى أن قال: وقد ردّ عليه جماعة من المشرق. . .، ولأحمد بن خالد في الردّ عليه صحيفة أخبرنا بها عنه أبو محمد الباجي".
وقال الحميدي: "نُسبت إليه بذلك مقالات نعوذ بالله منها". انظر: تاريخ العلماء (٢/ ٤١)، جذوة المقتبس (ص: ٩٤)، أخبار الفقهاء والمحدّثين (ص: ١٧٨).
وما أشار إليه الذهبي من رد الطلمنكي إنما يتّجه إلى هذا.
ومن الغريب أنَّ الذهبي نقل عن القاضي عياض كلامه في وهب بن مسرة كما تقدّم، وقال: "بدت منه هفوة في القدر"، وهذا لا شك من الذهبي، مع أن القاضي عياضًا قال بعد ذلك الكلام المنقول: "وله كتاب في السنة وإثبات القدر والرؤية والقرآن". ترتيب المدارك (٦/ ١٦٥). وأما نقل الحافظ ابن حجر عن ابن الفرضي في ترجمة محمد بن مفرج أنه كان يدعو إلى بدعة وهب بن مسرة، فهو نقل بما فهمه الحافظان، وليس كذلك، بل الذي قاله ابن الفرضي: "كان يعتقد مذهب ابن مسرّة ويدعو إليه"، كما في تاريخ العلماء (٢/ ٨٤)، ومذهب ابن مسرّة إذا أُطلق عند الأندلسيين يتجّه إلى محمد بن عبد الله بن مسرة المعتزلي المبتدع، لا إلى المحدّث السني =

الصفحة 11