كتاب الإيماء إلى أطراف أحاديث كتاب الموطأ (اسم الجزء: 2)

وحُميد بن قَيسِ هو الأعرج قارئُ أهلِ مكّةَ، قال ابن حنبل: "ليس بقويٍّ في الحديث" (١). وقال النسائي: "لا بأس به" (٢).
---------------
= تنبيه: أخرج البيهقي في السنن الكبرى (٥/ ٢٧١)، ومعرفة السنن (٤/ ٢٩٢) عن الشافعي أنه خطّأ قول حميد عن مجاهد: "هذا عهد نبيّنا إلينا"، وقال: "هذا خطأ، أخبرنا سفيان بن عيينة عن وردان الرومي أنه سأل ابن عمر، -ثم ذكر الحديث- وفيه: هذا عهد صاحبنا إلينا وعهدنا إليكم. قال الشافعي: يعني بصاحبه عمر بن الخطاب".
قال البيهقي في معرفة السنن: "هو كما قال، فالأخبار دالة على أن ابن عمر لم يسمع في ذلك من النبي -صلى الله عليه وسلم- شيئا، ثم قد يجوز هذا بعهد نبيّنا -صلى الله عليه وسلم- وهو يريد أصحابه بعدما أُثبت له ذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث أبي سعيد وغيره". اهـ.
قال ابن عبد البر: "قول الشافعي عندي غلط على أصله، لأن حديث ابن عيينة في قوله: صاحبنا، مجمل يحتمل أن يكون أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو الأظهر فيه، ويحتمل أن يكون أراد عمر، فلما قال مجاهد عن ابن عمر: هذا عهد نبيّنا، فسر ما أجمل وردان الرومي. وهذا أصل ما يعتمد عليه الشافعي في الآثار، ولكن الناس لا يسلم منهم أحد من الغلط، وإنما دخلت الداخلة على الناس من قبل التقليد لأنهم إذا تكلّم العالم عند من لا يُنعم النظر بشيء كَتَبه وجعله دينا يرد به ما خالفه دون أن يعرف الوجه فيه فيقع الخلل، وبالله التوفيق". التمهيد (٢/ ٢٤٨)، وانظر: الجوهر النقي (٥/ ٢٨٠).
قلت: ووردان الرومي مجهول، لم يرو عنه إلا ابن عيينة وعبد الله بن لاحق، وذكره ابن حبان في الثقات على قاعدته. انظر: التاريخ الكبير (٨/ ١٧٩)، الجرح والتعديل (٩/ ٣٦)، الثقات (٥/ ٥٠٠). فكيف تُعارض رواية حميد بن قيس الثقة برواية المجهول، فالصحيح في هذه الرواية من قال: "هذا عهد نبيّنا"، والمراد به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والتأويل ما ذُكر.
(١) العلل (١/ ٣٩٨) (رقم: ٨٠٨ - رواية عبد الله-). وتفرّد الإمام أحمد رحمه الله تعالى بتليينه.
ونقل أبو طالب عن أحمد رواية أخرى أنّه ثقة. الجرح والتعديل (٣/ ٢٢٧).
(٢) التمييز نقلًا عن أسماء شيوخ مالك (ل: ١٩/ أ)، تهذيب الكمال (٧/ ٣٨٧)، وفيهما: ليس به بأس.
ووثقه جمع من الأئمة كابن معين والبخاري وأبي زرعة وأبي داود ويعقوب الفسوي وابن حبان. وقال أبو حاتم: "ليس به بأس".
وقال ابن عدي: "حُميد بن قيس هذا له أحاديث صالحة، وهو عندي لا بأس مجديثه، وإنما يؤتى =

الصفحة 510