كتاب ابن قيم الجوزية وجهوده في خدمة السنة النبوية وعلومها (اسم الجزء: 2)
تُعنى بالأحكام الفقهية، والتوحيد والعقيدة، وما شابه ذلك من المباحث التي تتعلق بالحلال والحرام، نجد أن حكمه على الحديث والكلام عليه يقلُّ في الكتب والمباحث التي تتناول: الزهد والرقائق، والترغيب والترهيب، والفوائد العامة ونحو ذلك.
فبينما نجد كتباً مثل: (زاد المعاد) و (تهذيب السنن) و (الصلاة) و (جلاء الأفهام) و (اجتماع الجيوش الإسلامية) ، و (إعلام الموقعين) تمتلأُ بتلك الأحكام الحديثية، وبيانُ علل كثير من الأحاديث، وصحيحها من ضعيفها، فإن كتباً أخرى، مثل: (بدائع الفوائد) و (الجواب الكافي) و (مدارج السالكين) ، و (روضة المحبين) وأمثالها تَقِلُّ فيها هذه الأحكام بالنسبة لسابقتها.
وليس هذا من باب الإهمال والإغفال، أو قِلَّةِ العناية، وإنما هذا ما تقتضيه ظروف البحث في الغالب؛ فابن القَيِّم حينما يواجه خصوماً ومخالفين فيما يتعلق بأحكام الدين، يتطلب الأمر مزيداً من الجهد في بيان ضعف أدلتهم، وفي المقابل تقرير صِحَّة ما يستند إليه، أو رَدِّ الطعن الموجه إليه. في حين أنه لا يكون محتاجاً إلى كل هذا الجهد وهو يتحدث عن: أمراض القلوب وأدوائها، وتشخيص الدواء الناجع لعلاجها، وأنواع المحبة وأقسامها، وتفسير بعض الآيات وبيان بعض أسرارها، وشرحِ بعض الألفاظ اللغوية وبيان إعرابها، إلى غير ذلك من البحوث والمؤلفات التي هذا حالها.
الصفحة 28
560