كتاب ابن قيم الجوزية وجهوده في خدمة السنة النبوية وعلومها (اسم الجزء: 2)

وحديث جابر في ترك الصلاة عليهم صحيح صريح، وأبوه عبد الله أحد القتلى يومئذ، فله من الخبرة ما ليس لغيره"1.
وقال مرة: " ... شهيد المعركة لا يُصَلَّى عليه؛ لأنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يُصَلِّ على شهداء أُحُد ... فإن قيل: فقد ثبت في (الصحيحين) 2 من حديث عقبة بن عامر، أن النبي صلى الله عليه وسلم خَرَجَ يوماً، فَصَلَّى على أهل أحد صلاته على الميت، ثم انصرف إلى المنبر ... قيل: أما صلاته عليهم، فكانت بعد ثمان سنين من قتلهم قرب موته، كَالْمُوَدِّعِ لهم ... فهذه كانت توديعاً منه لهم، لا أنها سُنَّة الصلاة على الميت، ولو كان ذلك كذلك لم يؤخرها ثمان سنين"3.
لكن كيف يستقيم هذا مع اختياره الذي صَدَّرَنَا به هذا البحث إذ يقول: "فأصح الأقوال: أنهم لا يُغَسَّلُون، ويُخَيَّرُ في الصلاة عليهم، وبهذا تتفق جميع الأحاديث"4. فلعله - رحمه الله - يرى الصلاة عليهم بعد دفنهم كما هو ظاهر حديث عقبة بن عامر الماضي قبل قليل؟
وحيث اختلفت الأحاديث الواردة في هذا الباب؛ فوردت
__________
1 تهذيب السنن: (4/296) .
2 خ: ك المغازي، باب أحد جبل يحبنا ونحبه (فتح الباري 7/377) ح 4085. م: (4/1795) ح 2296، ك الفضائل، باب إثبات حوض نبينا عليه الصلاة والسلام.
3 زاد المعاد: (3/217) .
4 تهذيب السنن: (4/296) .

الصفحة 527