كتاب الولاية في النكاح (اسم الجزء: 2)

وقد استدلَّ الحنفية لمذهبهم هذا في هذه المسألة خاصّة بقوله تعالى: {فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِن} 1.
فقال أبو بكر الجصاص: "قوله تعالى: {فانكحوهنَّ بإذن أهلهنّ} يدلّ على أنَّ للمرأة أن تزوّج أمتها؛ لأنَّ قوله {أهلهنّ} المراد به المولى إذا كان بالغاً عاقلاً جائز التصرف في ماله. وقال الشافعي: لا يجوز للمرأة أن تزوّج أمتها وإنّما توكِّل2 غيرها بالتزويج، وهذا قول يردّه ظاهر الكتاب؛ لأنّ الله تعالى لم يفرق بين عقدها التزويج، وبين عقد غيرها بإذنها، ويدلّ على أنّها إذا أذنت لامرأة أخرى في تزويجها أنّه جائز؛ لأنَّها تكون منكوحة بإذنها، وظاهر الآية مقتضٍ لجواز نكاحها بإذن مولاها، فإذا وكَّل مولاها أو مولاتها امرأة بتزويجها وجب أن يجوز ذلك؛ لأنَّ ظاهر الآية قد أجاز، ومن منع ذلك فإنّما خصَّ الآية بغير دلالة"3.
وقد تعقّبه الفخر الرازي في تفسيره- بعد أن ذكر معنى كلام الجصاص السابق- فقال والجواب من وجوه:
__________
1 سورة النساء آية رقم (25)
2 يلاحظ أنَّ التوكيل ليس مذهب الشافعي، وإنَّما هو مذهب المالكيةُ، وقول في مذهب أحمد، وسيأتي تفصيله في هذا المبحث إن شاء الله تعالى.
3 أحكام القرآن للجصاص (2/166) .

الصفحة 15