لا ولاية لعبد ولا لكافر على مسلمة، وإنّما يقدّم العصبات على ذوى الأرحام؛ لأنّ للميراث أسباباً هي: الفريضة، والعصوبة، والقرا بة، والعصوبة أقوى أسباب الإرث؛ لاستحقاق جميع المال بها عند الانفراد، فترتُّب أسباب الولاية على أقوى أسباب الإرث1.
هذا خلاصة ما استُدِلَّ به لأبي حنيفة لإثبات الولاية في النِّكاح لذوى الأرحام، وقد نصَّ السَّرَخْسِي في (المبسوط) ، وتبعه صاحب (الهداية) 2، علي أنَّ دليل أبي حنيفة في إثبات ولاية ذوي الأرحام إنّما هو الاستحسان، فعلى هذا يكون ما سبق توجيه لهذا الاستحسان3. والله أعلم.
موازنة بين القولين.
ويبدو لي ممّا تقدّم أنّ في كلّ من القولين قُوَّة:
أمَّا مذهب الجمهور؛ فلأنَّ هذه الولاية إنّما شرعت في حقّ المرأة نظراً لها، وصيانة لعرضها، ولنسب قومها عمَّا يلحقهم من العار بوضعها
__________
1 المبسوط (4/223) ، وبدائع الصنائع (3/1351) ، والعناية (3/287) .
2 انظر المبسوط (4/223) ، والهداية مع فتح القدير (3/285) .
3 يطلق الاستحسان عند فقهاء المذهب الحنفي بالاشتراك على معنيين: أولهما: قياس خفيت علَّته؛ لدقتها في مقابلة قياس آخر ظهرت علَّته؛ لتبادرها إلى الذهن أولاً.
وثانيهما: النصوص التي جاءت على خلاف القياس؛ بطريق الاستثناء من القواعد الأصلية. انتهى نصّاً من علم أصول الفقه لأحمد إبراهيم بك (ص 100) ، وانظر أيضاً: أصول الفقه لمحمّد الخضري بك (ص333 ـ 335) .