وجواز الإخبار بأنه في السماء سبحانه وتعالى.
23- وعن جابر1 أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته يوم عرفات:
__________
1 جابر بن عبد الله الأنصاري، شهد العقبة الثانية وهو صغير، وشهد المشاهد كلها بعد أحد، وكان من المكثرين الحفاظ للسنة، توفي سنة (74هـ) وقيل غير ذلك. الإصابة (رقم1026) .
يزعمون أن الله ليس في مكان، لأن المكان لا يكون إلا للجسم، والله ليس بجسم، لأن الجسم لا يكون إلا محدثاً ممكناً ويظهر توضيح هذا الرأي في قول ابن الأثير في النهاية (3/304) "ولا بد في قوله "أين كان ربنا؟ " من تقدير مضاف محذوف، كما حدث في قوله تعالى {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللهُ} ونحوه فيكون التقدير: أين كان عرش ربنا؟ يدل عليه قوله {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ} ".
فقول ابن الأثير "أنه لا بد من تقدير مضاف محذوف" الذي دفعه إليه هو اعتقاده بأنه لا يجوز السؤال عن الله تعالى بأين، لأنه يترتب على ذلك إثبات الجهة والمكان لله تعالى، وهي منفية عنه كما هو مذهب الأشاعرة المتأخرين الذين يعد ابن الأثير واحداً منهم. ومما يجدر ذكره أن ما هرب إليه ابن الأثير من تقدير المضاف لا ينجيه مما هرب منه، لأنه إذا أثبت الجهة لعرشه سبحانه وتعالى ثبتت له أيضاً لكونه مستوياً عليه". انظر الاستقامة لابن تيمية (1/126-127) .
وقال الذهبي في العلو (ص26) بعد ذكر حديث الجارية: "وهكذا رأينا في كل من يُسأل أين الله، يبادر بفطرته ويقول في السماء. في الخبر مسألتان إحداهما: شرعية قول المسلم (أين الله) ؟ وثانيهما: قول المسؤول (في السماء) فمن أنكر هاتين المسألتين فإنما ينكر على المصطفى صلى الله عليه وسلم" ا. هـ.
وانظر كلام القاضي أبي يعلى الحنبلي الذي أورده المصنف برقم (275) .