كتاب النجم الوهاج في شرح المنهاج (اسم الجزء: 2)

وَالْخُشُوعُ وَتَدَبُّرُ الْقِرَاءَةِ وَالذِّكْرِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قال: (والخشوع) فيتصف به ظاهر وباطنه، ويستحضر أنه واقف بين يدي ملك الملوك يناجيه، وأن صلاته معروضة عليه، ومن الجائز أن يردها ولا يقبلها.
والدليل على أنه مسنون في الصلاة قوله تعالى: {قد أفلح المؤمنون (1) الذين هم في صلاتهم خشعون}. والأحاديث والآثار في ذلك كثيرة.
ولذلك قيل: إنه شرط في جزء من الصلاة، وليس للإنسان من الصلاة إلا ما عقل منها.
و (الخشوع): السكون.
وروى الترمذي الحكيم [3/ 210] عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يعبث بلحيته في الصلاة فقال: (لو خشع قلب هذا .. لخشعت جوارحه). وروى الترمذي [2653] عن عبادة بن الصامت وغيره: (أن الخشوع أول علم يرفع من الناس) وقال: حسن غريب، ورواه النسائي أيضًا.
وقال الإمام فخر الدين: اختلفوا في الخشوع، فمنهم من جعله من أفعال القلوب كالخوف، فإذا خشع القلب .. خشعت الجوارح؛ لأنه ملكها. ومنهم من جعله من أفعال الجوارح كالسكون. ومنهم من قال: هو مجموع الأمرين وهو أولى.
أما العبث في الصلاة .. فهو مكروه، وفي (الرافعي) في (الشهادات) عن صاحب (العدة): أنه حرام من الصغائر.
واعترض عليه المصنف بأن المشهور في كتب الأصحاب: كراهته.
حتى لو سقط رداؤه أو طرف عمامته .. كره له تسويته إلا لضرورة، قاله في (الإحياء).
قال: (وتدبر القراءة والذكر)؛ لأن بذلك يحصل مقصود الخشوع والأدب، قال الله تعالى: {أفلا يتدبرون القرءان أم على قلوب أقفالها}. وقال تعالى: {ليدبروا ءايته}. فلو اشتغل بذكر الجنة والنار وغيرهما من الأحوال السنية التي لا تعلق لها بذلك المقام .. كان من حديث النفس. ويكره أن يفكر في صلاته في أمر دنيوي، أو في مسألة فقهية كما قاله القاضي حسين.

الصفحة 178