كتاب النجم الوهاج في شرح المنهاج (اسم الجزء: 2)

وَيَجِبُ تَجْدِيدُ الاِجْتِهَادِ لِكُلِّ صَلاَةٍ تَحْضُرُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَمَنْ عَجَزَ عَنِ الاِجْتِهَادِ وَتَعَلَّمِ الأَدِلَّةِ كَأَعْمَىً .. قَلَّدَ ثِقَةً عَارِفًا،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قال: (ويجب تجديد الاجتهاد لكل صلاة تحضر على الصحيح)؛ سعيًا في إصابة الحق؛ لأن الاجتهاد الثاني إن وافق الأول .. ففيه تقوية له، وإن خالفه .. فإنما يخالف إذا كان أقوى، والأخذ بالأقوى واجب.
والثاني: لا يجب؛ إذ الأصل بقاء الظن الأول.
واحترز بقوله: (تحضر) عن النافلة؛ فإن لا يحتاج إلى تجديد الاجتهاد لها قطعًا، والفائتة كالحاضرة، والظاهرة أن المنذورة كذلك، فلو قال: لكل صلاة تفعل .. كان أولى.
قال في (الروضة): قيل: والوجهان فيما إذا لم يفارق موضعه، فإن فارقه .. وجبت الإعادة قطعًا كالتيمم، قال: ولكن الفرق ظاهر في أن أدلة القبلة سماوية، ودلالتها لا تختلف بالمسافة القريبة، ثم جزم في (التحقيق) بالإلحاق بالتيمم.
وصورة المسألة: ما إذا لم يكن المجتهد ذاكرًا للدليل الأول، فإن كان ذاكرًا له .. كفى قطعًا، كالحاكم في واقعة بالاجتهاد الواقعة ثانيًا وهو ذاكر للأدلة .. فإنه يكتفي بها قطعًا.
ونظيره المفتي في الأحكام الشرعية، وفي طلب الماء إذا لم ينتقل عن موضعه كما سبق، والشاهد إذا زكي ثم شهد ثانيًا كما سيأتي في بابه.
قال: (ومن عجز عن الاجتهاد وتعلم الأدلة كأعمى .. قلد ثقة عارفًا) أي: مكلفًا؛ لقوله تعالى: {فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}.
وقال صلى الله عليه وسلم: (هلا سألوا إذا لم يعلموا؟).
وفي معنى الأعمى: البصير الذي لا يمكنه التعلم؛ لأن عمى البصيرة أشد من عمى البصر، فإن صلى من غير تقليد. لم تصح صلاته وإن أصاب القبلة.

الصفحة 79