كتاب طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (اسم الجزء: 2)

دَاوُد قَالَ كنت مَعَ أَبى دَاوُد بِبَغْدَاد فَصليت الْمغرب فجَاء الْأَمِير أَبُو أَحْمد الْمُوفق فَدخل فَأقبل عَلَيْهِ أَبُو دَاوُد وَقَالَ مَا جَاءَ بالأمير فى مثل هَذَا الْوَقْت فَقَالَ خلال ثَلَاث قَالَ وَمَا هى قَالَ تنْتَقل إِلَى الْبَصْرَة فتتخذها وطنا لترحل إِلَيْك طلبة الْعلم فتعمر بك فَإِنَّهَا قد خربَتْ وَانْقطع عَنْهَا النَّاس لما جرى عَلَيْهَا من محنة الزنج قَالَ هَذِه وَاحِدَة قَالَ وتروى لأولادى السّنَن فَقَالَ نعم هَات الثَّالِثَة قَالَ وَتفرد لَهُم مَجْلِسا فَإِن أَوْلَاد الْخُلَفَاء لَا يَقْعُدُونَ مَعَ الْعَامَّة قَالَ أما هَذِه فَلَا سَبِيل إِلَيْهَا لِأَن النَّاس فى الْعلم سَوَاء
قَالَ ابْن جَابر فَكَانُوا يحْضرُون ويقعدون وَبينهمْ وَبَين الْعَامَّة ستر
قَالَ شَيخنَا الذهبى رَحمَه الله تفقه أَبُو دَاوُد بِأَحْمَد بن حنل ولازمه مُدَّة قَالَ وَكَانَ يشبه بِهِ كَمَا كَانَ أَحْمد يشبه بشيخه وَكِيع وَكَانَ وَكِيع يشبه بشيخه سُفْيَان وَكَانَ سُفْيَان يشبه بشيخه مَنْصُور وَكَانَ مَنْصُور يشبه بشيخه إِبْرَاهِيم وَكَانَ إِبْرَاهِيم يشبه بشيخه عَلْقَمَة وَكَانَ عَلْقَمَة يشبه بشيخه عبد الله بن مَسْعُود رضى الله عَنهُ
قَالَ شَيخنَا الذهبى وروى أَبُو مُعَاوِيَة عَن الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة أَنه كَانَ يشبه عبد الله بن مَسْعُود بالنبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فى هَدْيه ودله
قلت أما أَنا فَمن ابْن مَسْعُود أسكت وَلَا أَسْتَطِيع أَن أشبه أحدا برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فى شئ من الْأَشْيَاء وَلَا أستحسنه وَلَا أجوزه وَغَايَة مَا تسمح بِهِ نفسى أَن أَقُول وَكَانَ عبد الله يقْتَدى برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا تنتهى إِلَيْهِ قدرته وموهبته من الله عز وَجل لَا فى كل مَا كَانَ عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِن ذَلِك لَيْسَ لِابْنِ مَسْعُود وَلَا للصديق وَلَا لمن اتَّخذهُ الله خَلِيلًا حشرنا الله فى زمرتهم
توفى أَبُو دَاوُد فى سادس عشر شَوَّال سنة خمس وَسبعين وَمِائَتَيْنِ

الصفحة 296