كتاب طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (اسم الجزء: 2)

جَمِيع مخلوقاته ثمَّ مِنْهُ ظَاهر وباطن فَالظَّاهِر مَا يبْحَث عَنهُ الْفُقَهَاء من أَحْكَام الْمُكَلّفين وَالْبَاطِن مَا اسْتَأْثر الله بِعِلْمِهِ وَقد يطلع عَلَيْهِ بعض أصفيائه وَمِنْهُم الْفَارُوق سقى الله عَهده فَإِذا ارتجت الأَرْض بَين يدى من اسْتَوَى عِنْده الظَّاهِر وَالْبَاطِن عزرها كَمَا إِذا زل الْمَرْء بَين يدى الْحَاكِم وَانْظُر خطابه لَهَا وَقَوله (ألم أعدل عَلَيْك) وَالْمعْنَى وَالله أعلم أَنَّهَا إِذا وَقع عَلَيْهَا جور الْوُلَاة جديرة بِأَن ترتج غير ملومة على التزلزل بِمَا على ظهرهَا وَأما إِذا لم يكن جور بل كَانَ الحكم بِالْقِسْطِ قَائِما فَفِيمَ الارتجاج وعَلى م القلق وَلم يَأْتِ الْوَقْت الْمَعْلُوم فَمَا لَهَا أَن ترتج إِلَّا فى وَقْتَيْنِ أَحدهمَا الْوَقْت الْمَعْلُوم الْمشَار إِلَيْهِ فى قَوْله تَعَالَى {إِذا زلزلت الأَرْض زِلْزَالهَا} فَإِن ذَلِك إِلَيْهَا وَذَلِكَ إِذا قَالَ الْإِنْسَان مَالهَا حدثت هى بأخبارها وَذكرت أَن الله أوحى لَهَا على مَا قَالَ تَعَالَى {إِذا زلزلت الأَرْض زِلْزَالهَا وأخرجت الأَرْض أثقالها وَقَالَ الْإِنْسَان مَا لَهَا يَوْمئِذٍ تحدث أَخْبَارهَا بِأَن رَبك أوحى لَهَا} والثانى وَقت وُقُوع الْجور عَلَيْهَا من الْوُلَاة فَإِنَّهَا تعذر إِذْ ذَاك فَإِن قلت من أَيْن لَك هَذَا
قلت من قَول عمر الذى أَشَرنَا إِلَيْهِ وَيدل عَلَيْهِ أَيْضا {تكَاد السَّمَاوَات يتفطرن مِنْهُ وتنشق الأَرْض وتخر الْجبَال هدا أَن دعوا للرحمن ولدا} لِأَنَّهُ دلّت على الأَرْض تكَاد تَنْشَق بِالْفُجُورِ الْوَاقِع عَلَيْهَا فلولا يمْسِكهَا الله لَكَانَ
وَاعْلَم أَن هَذَا الذى خضناه بَحر لَا سَاحل لَهُ والرأى أَن نمسك عنان الْكَلَام والموفق يُؤمن بِمَا نُرِيد والشقى يجهل وَلَا يجدى فِيهِ الْبَيَان وَلَا يُفِيد وَمِنْهُم شقى وَمِنْهُم سعيد
وَيقرب من قصَّة الزلزلة

الصفحة 325