كتاب طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (اسم الجزء: 2)

وَلَا سَبِيل إِلَى استقصاء مَا يحْكى من هَذَا النَّوْع لكثرته وَأَنا أومن بِهِ غير أَنى أَقُول
لم يثبت عندى أَن وليا حيى لَهُ ميت مَاتَ من أزمان كَثِيرَة بَعْدَمَا صَار عظما رميما ثمَّ عَاشَ بعد مَا حيى لَهُ زَمَانا كثيرا هَذَا الْقدر لم يبلغنَا وَلَا أعتقده وَقع لأحد من الْأَوْلِيَاء وَلَا شكّ فى وُقُوع مثله للأنبياء عَلَيْهِم السَّلَام مثل هَذَا يكون معْجزَة وَلَا تنتهى إِلَيْهِ الْكَرَامَة فَيجوز أَن يجىء نبى قبل اختتام النُّبُوَّة بإحياء أُمَم انْقَضتْ قبله بدهور ثمَّ إِذا عاشوا استمروا فى قيد الْحَيَاة أزمانا وَلَا أعتقد الْآن أَن وليا يحيى لنا الشافعى وَأَبا حنيفَة حَيَاة يبقيان مَعهَا زَمَانا طَويلا كَمَا عمرا قبل الْوَفَاة بل وَلَا زَمَانا قَصِيرا يخالطان فِيهِ الْأَحْيَاء كَمَا خالطاهما قبل الْوَفَاة
النَّوْع الثانى كَلَام الْمَوْتَى وَهُوَ أَكثر من النَّوْع قبله وروى مثله عَن أَبى سعيد الخراز رضى الله عَنهُ ثمَّ عَن الشَّيْخ عبد الْقَادِر رضى الله عَنهُ وَعَن جمَاعَة من آخِرهم بعض مَشَايِخ الشَّيْخ الإِمَام الْوَالِد رَحمَه الله وَلست أُسَمِّيهِ
النَّوْع الثَّالِث انفلاق الْبَحْر وجفافه والمشى على المَاء وكل ذَلِك كثير وَقد اتّفق مثله لشيخ الْإِسْلَام وَسيد الْمُتَأَخِّرين تقى الدّين بن دَقِيق العَبْد
الرَّابِع انقلاب الْأَعْيَان كَمَا حكى أَن الشَّيْخ عِيسَى الهتار الْيُمْنَى أرسل إِلَيْهِ شخص مستهزئا بِهِ إناءين ممتلئين خمرًا فصب أَحدهمَا فى الآخر وَقَالَ بِسم الله كلوا فَأَكَلُوا فَإِذا هُوَ سمن لم ير مثل لَونه وريحه وَقد أَكْثرُوا فى ذكر نَظِير هَذِه الْحِكَايَة
الْخَامِس انزواء الأَرْض لَهُم بِحَيْثُ حكوا أَن بعض الْأَوْلِيَاء كَانَ فى جَامع طرسوس فاشتاق إِلَى زِيَارَة الْحرم فَأدْخل رَأسه فى جبته ثمَّ أخرجه وَهُوَ فى الْحرم
وَالْقدر الْمُشْتَرك من الحكايات فى هَذَا النَّوْع بَالغ مبلغ التَّوَاتُر وَلَا يُنكره إِلَّا مباهت
السَّادِس كَلَام الجمادات والحيوانات وَلَا شكّ فِيهِ وفى كثرته وَمِنْه مَا حكى أَن إِبْرَاهِيم بن أدهم جلس فى طَرِيق بَيت الْمُقَدّس تَحت شَجَرَة رمان فَقَالَت لَهُ يَا أَبَا إِسْحَاق أكرمنى بِأَن تَأْكُل منى شَيْئا قَالَت ذَلِك ثَلَاثًا وَكَانَت شَجَرَة قَصِيرَة

الصفحة 339