كتاب فتح المغيث بشرح ألفية الحديث (اسم الجزء: 2)
الْعُرْفِ، فَلَا تَتَعَلَّقُ بِمُجَرَّدِ الشَّرْعِ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ الْأُمُورَ الْعُرْفِيَّةَ قَلَّمَا تُضْبَطُ، بَلْ هِيَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْبُلْدَانِ، فَكَمْ مِنْ بَلَدٍ جَرَتْ عَادَةُ أَهْلِهِ بِمُبَاشَرَةِ أُمُورٍ لَوْ بَاشَرَهَا غَيْرُهُمْ لَعُدَّ خَرْمًا لِلْمُرُوءَةِ.
وَفِي الْجُمْلَةِ رِعَايَةُ مَنَاهِجِ الشَّرْعِ وَآدَابِهِ، وَالِاهْتِدَاءُ بِالسَّلَفِ، وَالِاقْتِدَاءُ بِهِمْ أَمْرٌ وَاجِبُ الرِّعَايَةِ ".
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: " وَكَأَنَّهُ يُشِيرُ بِذَلِكَ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ سِيرَةَ مُطْلَقِ النَّاسِ، بَلِ الَّذِينَ يُقْتَدَى بِهِمْ "، وَهُوَ كَمَا قَالَ، ثُمَّ إِنَّ اشْتِرَاطَ الْبُلُوغِ مِنَ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ، وَإِلَّا فَقَدْ قَبِلَ بَعْضُهُمْ رِوَايَةَ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ الْمَوْثُوقِ بِهِ، وَلِذَا كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ لِأَصْحَابِنَا وَجْهَانِ، قَيَّدَهُمَا الرَّافِعِيُّ وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ بِالْمُرَاهِقِ، مَعَ وَصْفِ النَّوَوِيِّ لِلْقَبُولِ بِالشُّذُوذِ.
وَقَالَ الرَّافِعِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: " وَفِي الصَّبِيِّ بَعْدَ التَّمْيِيزِ وَجْهَانِ كَمَا فِي رِوَايَةِ أَخْبَارِ الرَّسُولِ، وَاخْتَصَرَهُ النَّوَوِيُّ بِالصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ، وَلَا تَنَاقُضَ، فَمَنْ قَيَّدَ
الصفحة 7
320