من طرق مسالك العلّة، يتمكن بها من قياس ما لم يَرِد حكمُه في أقوال الشارع على حكم ما ورد منه فيها.
النحو الرابع: هو كما عرّفه الشيخ ابن عاشور: إعطاء حكم لفعل أو حادث حدث للناس لا يعرف حكمه ولا له نظير يقاس عليه. وقد جاء في بيان هذا المسلك بتعريف الأصوليين للمصلحة بقولهم: هي التي تعرف علِّيَّتها، أي بدون شهادة الأصول، بمجرد الإخالة، أي بمجرد كونها مخيلة، أي مُوقعة في القلب العلَّيةَ والصحة، ولم يشهد الشرع لها بالاعتبار ولا بالإبطال (¬1).
وقال صاحب الضياء اللامع في التعريف بهذا المسلك: هو ما لم يشهد له الشرع بالاعتبار ولا بالإهدار، ولكن على ما تقتضيه سُنن المصالح أو تتلقاه العقول بالقبول وهو المرسل (¬2).
واعتبر المؤلف النحو الأول من موضوعات علم أصول الفقه.
وحرّر بعد هذا قضيةَ التعارض بين الأدلة بذكر المهمّ منها، والتنبيه على وجه تصرّف الفقيه فيها، مورداً أمثلة على ذلك. منها:
ردُّ مالك على شُريح إنكارَه صحَّة الحُبس.
وردُّه حديث خيار المجلس، وإن أَثبتَ الإمام مالك نصَّه في الموطأ.
وتركُ استلام الركنين اللذين هما من البيت.
وتوقُّفُ عمر في حديث الاستئذان.
¬__________
(¬1) التهانوي. كشاف اصطلاحات الفنون: 821.
(¬2) محمد الأمين الشنقيطي. المصالح المرسلة: 13.