كتاب أعلام وأقزام في ميزان الإسلام (اسم الجزء: 2)

نقول": إن النقد الثوري للموروثات العربية شروط لكل عمل ثوري عربي".
["مواقف"، العدد 6، 1969، الافتتاحية].
وواضح من هذا الاقتباس الذي طال بعض الشيء أن الحداثة في وعي (أدونيس) ومن سار على نهجه من أهل الحداثة المعاصرين، ترتبط بالموقف من الدين، أو قل بنفي الدين من واقع الأمة وتصوّرها، مهما كانت نتائج هذا النفي. ولنتذكّر أن الدين هنا يُقصد به الإسلام وحده؛ لأن الأمة العربية لا تملك إلا دينًا رئيسيًّا تؤمن به الأغلبية الساحقة التي تمثل 95% من أبنائها تقريبًا، ولا يقصد به النصرانية أو اليهودية؛ لأن (أدونيس) في مجلته "مواقف" قد تعاطف مع النصرانية وحدها دون الإسلام، ولم يهاجم اليهودية أبدًا، وأتاح لعدد من النصارى ورجال الدين المسيحي أن يعبروا بكل حرية -بل يبشِّروا بمعنى أدق- بعقيدة التثليث أو النصرانية المنحرفة (انظر مثلاً مقالة: الثورة بين ديانة الأب وديانة الأبن، مواقف، العدد 3، ص 149)، المقصود إذًا هو الإسلام وليس غيره!

* الانفصال كليًّا:
إن نفي الدين، أو إسقاطه من معادلة الوجود العربي -إن صحّ التعبير- تبدو الهدف الأوحد للحداثة العربية المعاصرة، ويستتبع ذلك إسقاط كل ما يتعلق بالإسلام من مقومات حضارية ولغوية وتصورية، وهو ما عبّر عنه (أدونيس) -بالانفصال كليًّا عن الماضي- بكل ما يرمز إليه هذا الماضي من معتقدات وأفكار وإنجازات وإخفاقات. وبالطبع فإن هذا الماضي العربي الذي صنعه الإسلام يمثل العقبة الكئود التي لا يكفي الانفصال عنها، بل لا بد من إزالتها تمامًا؛ لأنها تحول دون تأسيس العصر الجديد كما يرى (أدونيس).
وإذا عرفنا أن هذا الكلام قد قيل عقب هزيمة 1967 التي أكّدت وجود

الصفحة 30