كتاب المعرفة والتاريخ (اسم الجزء: 2)
فَأَخْبَرَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ- أَوْ هَذَا الَّذِي مِنْ وَلَدِ جُوَيْرِيَةَ- قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: كُنْتُ صَنَعْتُ الْمُسْنَدَ عَلَى الطُّرُقِ مُسْتَقْصٍ وَكَتَبْتُهُ فِي قَرَاطِيسَ وَصَيَّرْتُهُ فِي قِمَطْرٍ كَبِيرَةٍ وَخَلَّفْتُهُ فِي الْمَنْزِلِ، وَغِبْتُ هَذِهِ الْغَيْبَةَ، فَلَمَّا قَدِمْتُ ذهبت يَوْمًا لِأُطَالِعَ مَا كُنْتُ كَتَبْتُ. قَالَ: فَحَرَّكْتُ الْقِمَطْرَ فَإِذَا هِيَ ثَقِيلَةٌ رَزِينَةٌ [1] بِخِلَافِ مَا كانت، ففتحتها فإذا الأرضة قد خَالَطَتِ الْكُتُبَ فَصَارَتْ طِينًا، فَلَمْ أَنْشَطْ بَعْدُ لجمعه» [2] .
«وسمعت عليا وقوم يَخْتَلِفُونَ إِلَيْهِ فِي أَبْوَابٍ قَدْ كَانَ صَنَّفَ، فَرَأَيْتُهُ يَقْرَأُ عَلَيْهِمْ حِفْظًا أَبْوَابَ السَّجْدَةِ، فَكَانَ قد كتب طرف حديث فيمر على الصفح وَالْوَرَقَةِ فَإِذَا تَعَايَا فِي شَيْءٍ لَقَّنُوهُ الْحَرْفَ وَالشَيْءَ مِنْهُ ثُمَّ يَمُرُّ عَلَى الْوَرَقَةِ وَالصُّفَحِ فَإِذَا تَعَايَا وَاحْتَاجَ أَنْ يُلَقَّنَ الْحَرْفَ وَالشَيْءَ يَقُولُ: اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ هَذِهِ الْأَبْوَابُ كُنَّا أَيَّامَ نَطْلُبُ نَتَلَاقَى بِهِ الْمَشَايِخَ وَنُذَاكِرُهُمْ بِهَا وَنَسْتَفِيدُ مَا يَذْهَبُ عَلَيْنَا مِنْهُ وَكُنَّا نَحْفَظُهَا وَقَدِ [40 أ] احْتَجْنَا الْيَوْمَ أَنْ نُلَقَّنَ فِي بَعْضِهَا» [3] .
قَالَ وَسَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ حَرْبٍ يُقَدِّمُ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيَّ عَلَى جَمِيعِ مَنْ رَوَى عَنْ نَافِعٍ. فَقَيلَ لَهُ: إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ يُقَدِّمُ مَالِكًا. فَقَالَ: إِنَّمَا يَقُولُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ سَمِعَ مِنْهُ فَيُرِيدُ أَنْ يَسْتَوِيَ مَعَ حَمَّادٍ وَإِنَّ مَالِكًا لَأَهْلٌ
__________
[1] في الأصل «هو ثقيل رزين» وما أثبته من تاريخ بغداد 11/ 462.
[2] الخطيب: تاريخ بغداد 11/ 462 ويحذف «واسع الحفظ» ويذكر «بطرقه» بدل «وطرقها» واقتبس ابن حجر الى «أذاكرك به حفظا» (تهذيب التهذيب 7/ 351- 352) .
[3] الخطيب: الجامع لأخلاق الراويّ وآداب السامع ق 189 ب.
الصفحة 137