كتاب المعرفة والتاريخ (اسم الجزء: 2)

عَطَاءٌ قَالَ لِي ابْنُ هِشَامٍ [1] : لَوْ جَلَسْتَ لِلنَّاسِ فَأَفْتَيْتَهُمْ وَجَعَلْتَ لَكَ رِزْقًا؟
فَقُلْتُ: لَيْسَ هَذَا مِنْ حَاجَتِي وَأَبَيْتُ عَلَيْهِ [2] .
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحُمَيْدِيُّ ثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرًا وَالزُّهْرِيَّ يَتَمَثَّلَانِ بِالشِّعْرِ فِي مَجَالِسِهِمَا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَرَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ يَسْمُرُ إِلَى قَرِيبٍ مِنْ رُبُعِ اللَّيْلِ، وَرَأَيْتُ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيَّ يَسْمُرُ مَعَهُ إِلَى قَرِيبٍ مِنْ رُبُعِ اللَّيْلِ، فَإِذَا ذَهَبُوا دَخَلَ أَيُّوبُ الطَّوَافَ فَرُبَّمَا دَخَلْتُ مَعَهُ فَيَقُولُ: لَوْلَا أَنَا أَكُنْتَ تَطُوفُ؟ فَأَقُولُ: لَا تَجِدْنِي. ثُمَّ يَقُولُ لِيَ: اذْهَبْ.
«قَالَ: وَكَانَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ يُحَدِّثُ بِالْحَدِيثِ عَلَى المعنى، وكان إبراهيم بن ميسرة لا يحدثه إِلَّا عَلَى مَا سَمِعَ» [3] ، وَرَأَيْتُ عَمْرًا يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ عَمْرًا قَالَ لَهُ رَجُلٌ من أهل مكة: ان سفيان بن عُيَيْنَةَ إِذَا ذَهَبَ الْبَيْتَ يَكْتُبُ عَنْكَ. فَاسْتَلْقَى عَمْرٌو عَلَى فِرَاشِهِ فِي الْمَسْجِدِ فَبَكَى فَقَالَ: أُحَرِّجُ باللَّه عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ يَكْتُبُ عَنِّي شَيْئًا. وَقَالَ لِي عَمْرٌو: يَا غُلَامُ أَنَا حِينَ كُنْتُ مِثْلَكَ لَا أَنْسَى شَيْئًا أَسْمَعُهُ [4] .
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: ذُكِرَ لِي أَنَّ عَمْرًا قَالَ [5] يَكْتُبُونَ عَنِّي خَطَايَا.
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرٌو قال: جئت الى محمد بن
__________
[1] أحسبه سليمان بن هشام بن عبد الملك وكان كثيرا ما يتولى امارة موسم الحج في خلافة أبيه.
[2] أوردها ابو نعيم من طريق سفيان بن عيينة بألفاظ مقاربة (الحلية 3/ 348) ووقع فيه «هشام» بدل «ابن هشام» .
[3] الخطيب: الكفاية 206.
[4] أوردها بالمعنى ابن سعد (الطبقات 5/ 480) من طريق ابن عيينة أيضا وأضاف: «قال سفيان: فما كتبت عنه شيئا كنا نحفظ» .
[5] في الأصل يوجد «أنه قال» بعد «قال» وهي زائدة فحذفتها.

الصفحة 19