كتاب المعرفة والتاريخ (اسم الجزء: 2)

مِنْ مَكَانٍ آخَرَ. فَوَلَّى وَإِنَّ لَهُ زَئِيرًا أَقُولُ تَصَدَّعُ الْجِبَالُ مِنْهُ. فَمَا زَالَ كَذَلِكَ يُصَلِّي حَتَّى إِذَا كَانَ الصُّبْحُ جَلَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ بِمَحَامِدَ لَمْ أَسْمَعْ مِثْلَهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ. قَالَ: ثُمّ قَالَ: اللَّهمّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تُجِيرَنِي مِنَ النَّارِ أَوَ مِثْلِي يَجْتَرِئُ أَنْ يَسْأَلَكَ الْجَنَّةَ. ثُمَّ رَجَعَ، فَأَصْبَحَ كَأَنَّهُ بَاتَ عَلَى الْحَشَايَا، وَأَصْبَحَتْ فِيَّ مِنَ الْفَتْرَةِ شَيْءٌ اللَّهُ بِهِ عَلِيمٌ [1] . قَالَ: فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْ أَرْضِ الْعَدُوِّ قَالَ الْأَمِيرُ [2] : لَا يَشِذَّنَّ أَحَدٌ مِنَ الْعَسْكَرِ. قَالَ: فَذَهَبَتْ بَغْلَتُهُ بِثُقْلِهَا، فَأَخَذَ يُصَلِّي، فَقَالُوا لَهُ: إِنَّ النِّاسَ قَدْ ذَهَبُوا، فَمَضَى ثُمَّ قَالَ:
دَعُونِي أُصَلِّي ركعتين. قالوا: إِنَّ النِّاسَ قَدْ ذَهَبُوا، فَمَضَى ثُمَّ قَالَ: دَعُونِي أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ. قَالُوا: إِنَّ النَّاسَ قَدْ ذَهَبُوا. قَالَ: إِنَّمَا هِيَ خَفِيفَتَانِ.
قَالَ: فَدَعَا ثُمَّ قَالَ: اللَّهمّ إِنِّي أُقْسِمُ عَلَيْكَ أَنْ تَرُدَّ عَلَيَّ بَغْلَتِي وَثِقَلَهَا.
قَالَ: فَجَاءَتْ حَتَّى قَامَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ. قَالَ: فَلَمَّا لَقِينَا الْعَدُوَّ حمل هو وهشام ابن عَامِرٍ فَشَقَّا بِهِمْ طَعْنًا وَضَرْبًا وَقَتْلًا. قَالَ: فَكُسِرَ ذَلِكَ الْعَدُوُّ وَقَالُوا:
إِنَّ رَجُلَيْنِ مِنَ الْعَرَبِ صَنَعَا بِنَا هَذَا فَكَيْفَ لَوْ قَاتَلُونَا! فَأَعْطَوُا الْمُسْلِمِينَ حَاجَتَهُمْ. فَقِيلَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: إِنَّ هِشَامَ ... [3] .
مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ
[4] حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: ثنا مهدي بن ميمون حدثنا غيلان قال: سَمِعْتُ مُطَرِّفًا يَقُولُ: كَأَنَّ الْقُلُوبَ لَيْسَتْ مَعَنَا وكأن الحديث
__________
[1] أوردها ابو نعيم من طريق عبد الله بن المبارك أيضا (الحلية 2/ 240) .
[2] في الأصل رسمها (الأمس) .
[3] وقع هنا سقط لا يمكن تحديده.
[4] في الطبقة الاولى من تابعي أهل البصرة (طبقات خليفة 197) .

الصفحة 80