كتاب كشف المناهج والتناقيح في تخريج أحاديث المصابيح (اسم الجزء: 2)

قلت: رواه الجماعة (¬1) في البيوع من حديث ابن عمر إلا البخاري، فإنَّه رواه في كتاب الشرب قبل الإستقراض وأخرج المعنيين الموطأ مفرقًا.
تنبيه: وهم ابن الأثير (¬2) فجعل البخاري لم يخرج إلا المعنى الأول وليس كما قال بل روى المعنيين، والله أعلم.
قوله - صلى الله عليه وسلم -: بعد أن تؤبر، قال أهل اللغة: يقال أبرت النخل بالتخفيف أبره أبرًا، كأكلته أكله أكلًا، وأبرتُه بالتشديد أؤبره تأبيرًا، كعلمته أعلمه تعليمًا، وهو أن يشق طلع النخل لتذر فيه شيء من طلع ذكر النخل، فالإبار: هو شقه سواء حط فيه شيء أم لا، ولو تأبرت بنفسها أي تشققت، فحكمها في البيع حكم المؤبرة بفعل آدمي، وقد أخذ الشافعي وجماعة بظاهر هذا الحديث، فقالوا: إذا باع نخلة وعليها ثمرة مؤبرة، فالثمرة للبائع، إلا أن يشترطها المبتاع، بأن يقول: إشتريت النخلة بثمرتها هذه.
وإن باعها قبل التأبير، فثمرتها للمشتري، فإن شرطها البائع لنفسه جاز، ونقل عن الإمام أبي حنيفة أن الثمرة للبائع قبل التأبير وبعده، وقال ابن أبي ليلى: هي للمشتري قبل التأبير وبعده، وأخذ أبو حنيفة منطوق الحديث في المؤبرة، وهو لا يقول بدليل الخطاب، فالحق غير المؤبرة بالمؤبرة ولعل ابن أبي ليلى لم يبلغه الحديث.
قوله - صلى الله عليه وسلم -: ومن ابتاع عبدًا إلى آخره، أخذ بظاهره مالك والشافعيُّ في القديم فقالا: إن العبد إذا ملكه سيده مالًا ملكه، لكن إذا باعه بعد ذلك كان ماله للبائع، إلا أن يشترطه المشتري، وقال الشافعي في الجديد، وأبو حنيفة: لا يملك العبد شيئًا أصلًا،
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري (2379)، ومسلم (1543) وأبو داود (3433)، والترمذي (1244)، والنسائيّ (7/ 297)، وابن ماجه (2210)، والموطأ (2/ 617). قال ابن القيم -رحمه الله- في تهذيب السنن (5/ 79): "اختلف سالم ونافع على ابن عمر في هذا الحديث، فسالم رواه عن أبيه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرفوعًا في القضيتين: قضية العبد وقضية النخل جميعًا، ورواه نافع عنه ففرق بين القضيتين، فجعل قضية النخل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقضية العبد عن ابن عمر عن عمر ... ".
(¬2) انظر: جامع الأصول (1/ 601 رقم 446).

الصفحة 502