كتاب جامع الرسائل لابن تيمية - رشاد سالم (اسم الجزء: 2)

قَوْله قل إِن كَانَ أباؤكم وابناؤكم وَإِخْوَانكُمْ وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إِلَيْكُم من الله وَرَسُوله وَجِهَاد فِي سَبيله فتربصوا حَتَّى يَأْتِي الله بأَمْره وَفِي قَوْله تَعَالَى فَسَوف يَأْتِي الله بِقوم يُحِبهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّة على الْمُؤمنِينَ أعزة على الْكَافرين يجاهدون فِي سَبِيل الله وَلَا يخَافُونَ لومة لائم فَأخْبر أَن الْقَوْم الَّذين يُحِبهُمْ الله وَرَسُوله هم أَذِلَّة على الْمُؤمنِينَ أعزة على الْكَافرين يجاهدون فِي سَبِيل الله وَلَا يخَافُونَ لومة لائم كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي الْآيَة الْأُخْرَى أشداء على الْكفَّار رحماء بَينهم فوصفهم بالذلة وَالرَّحْمَة لأوليائه إخْوَانهمْ والعزة والشدة على أعدائه أعدائهم وانهم يجاهدون فِي سَبِيل الله
وَالْجهَاد من الْجهد وَهُوَ الطَّاقَة وَهُوَ أعظم من الْجهد الَّذِي هُوَ الْمَشَقَّة فَإِن الضَّم أقوي من الْفَتْح وَكلما كَانَت الْحُرُوف أَو الحركات أقوي كَانَ الْمَعْنى أقوي
وَلِهَذَا كَانَ الْجرْح أقوي من الْجرْح فَإِن الْجرْح هُوَ الْمَجْرُوح نَفسه وَهُوَ غير الْجرْح مصدر وَهُوَ فعل
وَكَذَلِكَ الكره وَالْمَكْرُوه وَالْمكْره كَمَا قَالَ تَعَالَى كتب عَلَيْكُم الْقِتَال وَهُوَ كره لكم وَقَالَ تَعَالَى وَللَّه يسْجد من فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض طَوْعًا وَكرها
فالجهد نِهَايَة الطَّاقَة وَالْقُدْرَة قَالَ تَعَالَى وَالَّذين لَا يَجدونَ إِلَّا جهدهمْ

الصفحة 280