كتاب جامع الرسائل لابن تيمية - رشاد سالم (اسم الجزء: 2)

فالإقلال والاستخفاء خير من هَذِه الْوُجُوه وَلَكِن قد يقْتَرن بهَا مَا يكون أعظم من بعض المسافحة والمجاهرة وَهِي الْمحبَّة والتعظيم الَّتِي توجب محبَّة مَا يُحِبهُ الخدن وتعظيم مَا يعظمه وموالاة من يواليه ومعاداة من يعاديه والاستسرار بذلك والنفاق فِيهِ فقد تكون فِي هَذِه الْمُوَالَاة والمعاداة والنفاق من الْعدوان وَالضَّرَر على الْمُسلمين أعظم مِمَّا فِي المجاهرة والمسافحة وَيكون ذَلِك بِمَنْزِلَة الْكَافِر الْمُعْلن كفره وَهَذَا بِمَنْزِلَة الْمُنَافِق فَأَما إِذا لم يكن عدوان على النَّاس وتضييع لحقوقهم لانْتِفَاء الْمحبَّة أَو لغير ذَلِك فَالْأول أَخبث وأفحش وتفاوت الشرور فِي الْقدر وَالصّفة كثير كَمَا يتفاضل الْخَيْر أَيْضا فِي الْقدر وَالْوَصْف وَالْوَاجِب اسْتِعْمَال الْكتاب وَالسّنة فِي جَمِيع الْأُمُور
وَلَا ريب أَن هَذِه المخادنة وَملك الْيَمين وَنَحْو ذَلِك مِمَّا فِيهِ اشْتِرَاك فِي محرم مضاد للْحَلَال لَا بُد أَن يتَضَمَّن من الْمُبَاح مَا يصير فِيهِ من الشّبَه بالحلال وَمن التَّمْيِيز عَن الْحَرَام مَا يكون فِيهِ رواج لَهُ إِذْ الْحَرَام الْمَحْض الْمَحْض من كل وَجه لَا يشْتَبه بالحلال الْمَحْض من كل وَجه بل بقتني الرجل الْمَمْلُوك لنَوْع من الِاسْتِخْدَام وَيضم إِلَى ذَلِك الِاسْتِمْتَاع وَقد يكون هَذَا أغلب فِي نَفسه من

الصفحة 303