كتاب جامع الرسائل لابن تيمية - رشاد سالم (اسم الجزء: 2)

ثمَّ جاءوك يحلفُونَ بِاللَّه إِن أردنَا إِلَّا إحسانا وتوفيقا أَي هَؤُلَاءِ لم يقصدوا مَا فَعَلُوهُ من الْعدْل عَن طَاعَة الله وَرَسُوله إِلَى اتِّبَاع مَا اتَّبعُوهُ من الطاغوت إِلَّا لما ظنوه من جلب مَنْفَعَة لَهُم وَدفع مضرَّة عَنْهُم مثل طلب علم وَتَحْقِيق كَمَا يُوجد فِي صنف المتكلمة وَمثل طلب أذواق ومواجيد كَمَا يُوجد فِي صنف المتعبدة وَمثل طلب شهوات ظَاهِرَة وباطنة كَمَا يُوجد فِي صنف الَّذين يُرِيدُونَ الْعُلُوّ وَالَّذين يتبعُون شهوات الغي
قَالَ تَعَالَى وَيُرِيد الشَّيْطَان أَن يضلهم ضلالا بَعيدا أَي ضلوا عَن مطلوبهم الَّذِي هُوَ جلب الْمَنْفَعَة وَدفع الْمضرَّة فَإِن ذَلِك إِنَّمَا هُوَ فِي طَاعَة الله وَرَسُوله دون اتِّبَاع الطاغوت فَإِذا عاقبهم الله بنقيض مقصودهم فِي الدُّنْيَا فَأَصَابَتْهُمْ مُصِيبَة بِمَا قدمت أَيْديهم قَالُوا مَا أردنَا بِمَا فَعَلْنَاهُ إِلَّا إحسانا أَي أردنَا الْإِحْسَان إِلَى نفوسنا لَا ظلمها وتوفيقا أَو جمعا بَين هَذَا وَهَذَا لتجتمع الْحَقَائِق والمصالح
قَالَ تَعَالَى أُولَئِكَ الَّذين يعلم الله مَا فِي قُلُوبهم من الاعتقادات الْفَاسِدَة والإرادات الْفَاسِدَة الظَّن وَمَا تهوي الْأَنْفس فَأَعْرض عَنْهُم وعظهم وَقل لَهُم فِي أنفسهم قولا بليغا
ثمَّ قَالَ تَعَالَى وَمَا أرسلنَا من رَسُول إِلَّا ليطاع بِإِذن الله وَلَو أَنهم إِذْ ظلمُوا انفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لَهُم الرَّسُول لوجدوا الله تَوَّابًا

الصفحة 374