واعلم أن المجتهد قد يعتبر العلة في جنس الحكم، وقد يعتبر في الجزئيات، ويسمى في الأول: الحكم لمظنة العلة، وفي الثاني الحكم لمئنة العلة، ومثال الأول: قصر الصلاة في السفر، ومثال الثاني: النهي عن النوم واضعاً إحدى رجليه على الآخر، فإن العلة فيه تَوَهْمُ كشف العورة، وقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام النوم على تلك الهيئة لارتفاع مناط النهي، أي لكونه مأموناً عن كشف العورة.
باب ما جاء في كراهية رفع الأيدي على المنبر
[515] يكره رفع الأيدي على المنبر عند الخطبة، وثبت رفع السبابة وحركتها، وإني متردد في أن حركتها كانت للتفهيم أو للدعاء كما ذهب إليه البيهقي، وهو في الإتحاف، فإن رفع السبابة أيضاً قد يكون للدعاء كما روي عن أبي يوسف.
باب ما جاء في أذان الجمعة
[516] المشهور أن الأذان في عهده عليه الصلاة والسلام كان واحداً وخارج المسجد عند الشروع في الخطبة، وكذلك في عهد الشيخين، ثم قرر عثمان أذاناً آخر قبل الشروع في الخطبة خارج المسجد على الزوراء حين كثر المسلمون، والزوراء قيل: حجر، وقيل: سوق، وقيل: بناء، وهذا الأذان كان قبل الأذان بين يدي الخطيب بعد الزوال، فانتقل الأذان الذي كان في عهده عليه الصلاة والسلام إلى داخل المسجد، هذا هو الصحيح، وفي فتح الباري ما يدل على أن هذا الأذان شرع في عهده عليه