كتاب العرف الشذي شرح سنن الترمذي (اسم الجزء: 2)

في هذه الجزئية، وهذا يجري في كثير من المسائل منها إذا وهب شيئاً ثم عاد إليه بقضاء القاضي والحال أن العودة في الهبة مكروه تحريماً ديانة فهل يرفع القضاء هذه الكراهة أم لا؟ وكذلك إذا حكم القاضي بكون المغصوب للغاصب فهل يكون له هذا الشيء حراماً أو حلالاً بعد أن قضى القاضي؟ وكذلك مسائل أخر، وأما ما ذكرت من ظني أنه لا يبقي الخيرة في الديانة فشبيه ما يقال: إن قضاء القاضي نافذ ظاهراً وباطناً، ووجدت جزئية عن محمد تؤيده وهي أن رجلاً شافعياً مثلاً طلق امرأته الحنفية مثلاً بلفظ الكناية فيريد الرجل الرجوع ولا ترضى به فرفعا القضية إلى القاضي، فإذا حكم القاضي بحكم لا يمكن لأحدهما الخلاف في هذه الجزئية أصلاً ولا لأحد أن يحكم خلاف حكم هذا القاضي شرقاً وغرباً، وفي الهداية أن القضاء بمجتهد فيه صار في حكم المجمع عليه في هذه الجزئية، ولا يمكن لأحد أن يفسخه ثم كل مسألة من مسائل الشافعية مثلاً مجتهدة فيها عندنا إلا ما عدد بعض المسائل لا تزيد على عدد الأصابع، ولكن يظهر من الكتب كون هذه المسائل المستثناة مجتهدة فيها أيضاً، فتكون كل مسألة من المذاهب الأربعة مجتهدة فيها، ثم قضاء القاضي المشهور أنه في المعاملات لا في العبادات، أقول: قد يكون في العبادات، أيضاً كما ذكرت أولاً، وأما دليل أن فرق القضاء والديانة كان في السلف أيضاً مما أخرجه الطحاوي ص (250) ج (2) عن أبي يوسف عن عطاء عن شريح استفتى رجل شريحاً فقال شريح: إنما أقضي لا أفتي إلخ، ثم يرو هاهنا أنه كان قاضياً لا مفتياً فكيف أجاز له الرجوع حين طلق ثلاث؟ أقول: إنه قاض ومفت.

الصفحة 413