كتاب العرف الشذي شرح سنن الترمذي (اسم الجزء: 2)

السكنى تكون النفقة أيضاً فالمسألة قوية والقياس جلي لا يمكن العدول عنها أصلاً، ومذهبنا في المتوفى عنها زوجها أن تعتد في بيت العدة ولا سكنى لها ولا نفقة ولها إرث فتكون كراية البيت التي اعتدت فيها عليها ولا يجوز لها الخروج منها، وذكر الطحاوي ص (40) الاستنباطات من الآيات منها الآية: {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} [الطلاق: 1] إلخ وفيه اختلاف المفسرين أنها للمطلقة الرجعية أو البائنة، ووافق البخاري ص (803) أبا حنيفة والشافعي وما وافق أحمد، وحديث الباب لما كان يخالف الشافعية أيضاً فقالوا: إن نزاع فاطمة كان في النفقة لا في السكنى، أقول: إن في بعض الأحاديث الصحاح ذكر نزاعها في السكنى أيضاً، منها ما في حديث الباب، أقول: إن خروجها من بيت العدة كان لمعاذير مروية في الأحاديث كما في مسلم أنها كانت تطيل اللسان على أحمائها فكان لها السكنى، ولكنها خرجت من بيت العدة لمعاذير، وأما نفي النفقة في حديث الباب فلا بد من القيد في الحديث عندنا، فقال الطحاوي بالإلزام على الشافعية أنها خرجت من بيت العدة لكونها طويلة اللسان على أحمائها، فإذا خرجت تكن ناشزة ولا نفقة للناشزة، وفيه نظر، فإنها خرجت بإجازته فلا بد من عذر آخر من نفي النفقة، وقد مر العذر عن نفي السكنى، وذكر الشافعية أيضاً معاذير نفي السكنى لأنهم يقولون بنفي النفقة لا السكنى فأقول مجيباً عن نفي النفقة: إن النفي نفي الزائد الذي كانت تطلبها فإن أصل النفقة قد أعطيت كما في الروايات وأصحها أنها أعطاها زوجها عشرة آصوع كما مر في الترمذي، وفي بعض الروايات أنه أعطاها أزيد من عشرة آصوع
كما في الطحاوي، فكان المراد لا نفقة أي الفاضل على ما كان أعطاها وكنت جعلت قرينة أخرى على أنها كانت تطلب أزيد مما أعطيت وكانت أعطيت أصل النفقة، وهي ما أخرجه الطحاوي ص (38) ، ج (2) عن أبي عمرو قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ليست لك نفقة ولكن متاع بالمعروف» إلخ، أي بالقدر المعروف لكني رأيت في مشكل الآثار أن الطحاوي حمل متاع بالمعروف على متعة الثبات للمطلقة فإنه جره تحت باب متعة النساء فلما حمله الطحاوي على هذا ترك هذه القرينة وتمسك بالروايات الدالة أنها أعطيت النفقة، ثم أقول: إن الروايات في موت زوج فاطمة وحياته مختلفة، فإن مسلماً أخرج في صحيحه في حديث جساسة ص (404) ج (2) : إن زوجي أشهد وخطبني أبو معاوية ومر عليه الحافظ واختار أنه لم يمت بل طلقها وهو حي، ولو كان زوجها مات فلا نفقة لها ولا سكنى عندنا أيضاً، ولكن الحافظ أعله وقال: إنه وهم الراوي، فإنه عاش إلى عهد عمر، فإن عمر حين عزل خالد بن الوليد وخطب فقام هذا الرجل وكلم في عزله خالداً، ويخالفه كلام الحافظ في كنى التقريب حين جزم بأنه مات، فإذن لا سكنى ولا نفقة لها عندنا، وإن الخطيب السائل عمر رجل آخر بهذا الاسم ولكن علماء معرفة الصحابة والبخاري في تاريخه قالوا: إنه عاش إلى عهد عمر فصار حال هذا الرجل متردداً فيه، وأما إذا قيل: إنه طلق ثم مات فأقول: لم أجد في كتبنا مسألة هذه المرأة، هل تكون لها السكنى

الصفحة 417