كتاب العرف الشذي شرح سنن الترمذي (اسم الجزء: 2)

باب ما جاء فيمن يحدث نفسه بطلاق امرأته
[1183] قوله: (ما حدثت به نفسها إلخ) نفسها فاعل أو مفعول، ورجح الطحاوي النصب في مشكل الآثار، وفي حديث الباب إشكال وهو أن ظاهر حديث الباب أن معاصي القلب لا إثم عليها ما لم يعمل بها أو تكلم حتى أن الكفر أيضاً من أمور القلب، والحال أن الأمة المحمدية اتفقت على أن البغض والحسد والكبر من أعلى المعاصي، وتفرد البعض بأن معاصي القلب لا إثم عليها إلا إذا عمل أو تكلم، أقول: إن هذا القول لا يحتاج إلى أن يبطل فإن شريعتنا والشرائع السماوية اتفقت على ترتب العقاب على معاصي القلب، وقال رجل: إن مراتب ما في النفس خمسة، الهاجس والخاطر وحديث النفس والهم والعزم وغيرها، والهم معتبر في الطاعة لا المعصية، ولا إثم على أربعة منها وإنما الإثم على العزم، وقريب من هذا كلام الغزالي، أقول: إن مدلول الحديث أن كل ما قبل العمل والكلام حديث النفس، فأجوبة الإشكال عديدة، أقول: إن المراد التصميم كناية وإنه لا إثم ما لم يصمم، والكناية ليس بمجاز لما حررت أولاً، وأقول: إنه إذا صمم إرادة المعصية ثم مُنِعَ لعارض عن تلك المعصية فهل عليه إثم أم لا؟ أقول: إنه مأخوذ وعليه إثم، وأما إذا امتنع عن المعصية بقدرته وخيرته بعد تصميم الإرادة فلا وزر عليه، هل هو مأجور؟ كما في مسلم ص78: «وإن تركها اكتبوه له حسنة وإنما تركها من جراي» إلخ، وأما ما فيه «فأنا أغفر له ما لم يعملها» إلخ فلا يرد علي، فإنه ليس بعام في ما يكون بعمل اختياري واضطراري بل ما يكون تركه بخيرته.
باب ما جاء في الجد والهزل في الطلاق
[1184] الجد أن يتلفظ بلفظ يريد إيقاع حكمه، والهزل أن يتلفظ بلفظ لا يريد إيقاع حكمه، وعندنا عدة أشياء يكون الجد والهزل فيه سواء مثل الطلاق والعتاق واليمين والنكاح وغيرها، وتنقيح المناط أن كل تصرف يمين ففيه الجد والهزل سواء، والمراد من اليمين التزام التصرف بذمته وصرح الشيخ في فتح

الصفحة 421