قوله: (حتى غابت الشفق) لا يمكن الاستدلال بهذا اللفظ كما استدل النووي ص (245) . ذاهلاً عما في أبي داود ص (171) بسند قوي: (قبل غيوب الشفق نزل فصلى المغرب، ثم انتظر حتى غاب الشفق فصلى العشاء الخ) . والعجب من الحافظ أنه لما رأى بعض الرواة يعبرون بالمبالغة أنه جمع حين ذهب ربع الليل. . الخ، فقال بتعدد الواقعتين، والحال أن سطحي الحديثين واحد، وهو مرض صفية بنت أبي عبيد حين أرسلت إلى ابن عمر: بأني في آخر اليوم من الدنيا، وأول اليوم من الآخرة، فأسرع ابن عمر، ولكن الله شفاها، وعاشت إلى ما بعد ابن عمر، وأقول: إن الواقعة واحدة قطعاً، ونخرج المحمل في اللفظ الذي أشكل على الحافظ بأن الجمع بين الصلاتين لا يصدق إلا إذا صلى العشاء أيضاً.
(ف) الجمع الوقتي أيضاً مُجتهد فيه عندنا، كما ذكر صاحب البحر في واقعة سفر الحج.
باب ما جاء في صلاة الاستسقاء
[556] صلاة الاستسقاء سنة عند الشافعي، والاستسقاء عندهم على ثلاثة أقسام ذكرها النووي ص (292) ؛ أحدها: الدعاء بلا صلاة، وثانيها: الدعاء في خطبة الجمعة أو في أثر صلاة مفروضة، وهذا أفضل من النوع الأول، وثالثها، وهذا أكملها: أن يكون بصلاة ركعتين وخطبتين يتأهب قبله بصدقة وصوم وتوبة إلخ، وأما الأحناف ففي مختصر القدوري: والصلاة ليست بسنة، قال في الهداية: لأنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلى مرة لا أخرى فلا تكون سنة إلخ، أقول لا تكون سنة مؤكدة وإلا فمطلق السنة والاستحباب لا يمكن إنكاره لما قال صاحب الهداية: إنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلى مرة، وقال المحقق ابن أمير الحاج: نسب البعض إلينا أن الصلاة عندنا منفية وهذا غلط، والصحيح أن الصلاة عندنا مستحبة إلخ، وفي عبارة فتح القدير ضيق يدل على عدم مشروعية الصلاة عند بعض المشائخ ويترك ما في الفتح، وتمسك بعض الأحناف بأن القرآن علق الاستسقاء بالتوبة والاستغفار، وهو الذي {يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً} [نوح: 11] الآية، وفي سنن سعيد بن منصور بسند جيد عن الشعبي قال خرج عمر يوماً يستسقي فلم يزد على الاستغفار والدعاء، فقالوا: ما رأيناك استسقيت، فقال: طلبت الغيث