كتاب العرف الشذي شرح سنن الترمذي (اسم الجزء: 2)

قوله: (ركعتان ولهم ركعة ركعة إلخ) مذهب إسحاق بن راهويه وبعض السلف منهم ابن عباس إن المقتدي يصلي نصف صلاة في الخوف، وإن كان الخوف والسفر فيصلي ركعة واحدة لا قبلها شيء ولا بعدها شيء وليس هذا مذهب أحد من الفقهاء الأربعة، وقال أتباع الأربعة في حديث الباب: إن المراد أنهم صلوا ركعة مع الإمام وركعة منفردين ولي شرح آخر في هذا الحديث وهو أن المذكور هاهنا هو صفة صلاة الخوف عند الشافعية أي صلوا ركعتين في ركعة واحدة للإمام فعبر الراوي بركعة واحدة لهم لأن الركعتين لهم كانتا تحت ركعة واحدة له عليه الصلاة والسلام وفي ضمنها، ومثل هذه الرواية رواية في النسائي ص (338) عن ابن عباس فإنه ساق الحديث إلى أن قال: وصلى بهم ركعةً ولم يقضوا إلخ، وزعم العلماء من عدم القضاء عدم الركعة الثانية وعجز الحافظ عما في النسائي، وعندي أنها صفة الشافعية كما قلت، ومثل هذه رواية في البخاري والطحاوي أنه عليه الصلاة والسلام صلى أربع ركعات والصحابة ركعتين ركعتين، ومرادها عندي ما قلت، أي بقي في حكم الصلاة في طول مدة أربع ركعات من المقتدين، وقال الشافعية: إن فيها: صلى بهم النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مرتين، فيكون فيها تمسك على جواز أداء المفترض خلف المتنفل وعجز الحنفية عن جوابها إلا الطحاوي، وجوابها عندي: أن فيها صفة الشافعية ووقع تعبير الراوي موهماً، هذا والله أعلم.
باب ما جاء في سجود القرآن
[568] اختلف العلماء في سجود القرآن من أوجه، منها إن أبا حنيفة قائل بوجوب سجدة التلاوة، والشافعي يقول بسنتها، والصحابة أيضاً مختلفون في الوجوب والسنية، وتمسك بحديث زيد بن ثابت مرفوعاً وبفعل عمر بن الخطاب حين قال: إنها لم تكتب علينا، وسيجيء الكلام فيه، وما أجاب الأحناف شافياً عن فعل عمر بن الخطاب، وأما أدلتنا على الوجوب فمنها أن أكثر السجود في القرآن بصيغ الأمر، وحمل توارد الصيغ بالأمر على الاستحباب بعيد، وإن قلت: إن الأمر مشترك بين الوجوب والاستحباب على ما قال أبو منصور الماتريدي فلا يمكن الحمل على الاستحباب إلا بدليل ظاهر كما في {فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ} [الجمعة: 10] ، وقال ابن قيم في كتاب الصلاة: إن دليل الأحناف هذا قوي، ولنا دليل آخر أخرجه مسلم في صحيحه: «أن الشيطان يبكي ويقول: سجد ابن آدم فدخل

الصفحة 66