كتاب العرف الشذي شرح سنن الترمذي (اسم الجزء: 2)

التوراة، ومن الأحاديث حديث الصحيحين: أن يهودياً وضع يده على التوراة على بعض عبارتها فضرب عبد الله بن سلام بيده. وأتى بأحاديث ونقل عبد الله بن سلام من التوراة مثل ما نقلت إن في التوراة أن الساعة المحمودة بعد العصر، وقوله يدل على أن التحريف ليس إلا قليلاً، وإن قيل: لمَّا كان الساعة المحمودة التي هي فضل يوم الجمعة بعد العصر ينبغي كون صلاة الجمعة أيضاً عند الساعة المحمودة، فلمَ قُدمت؟ قلت: إن التمهيد يكون مقدماً وربما يحيط التمهيد وقتاً أزيد من وقت المقصود مثل الحج، فإن الغرض وقوف عرفة فإذن يبتدء الغرض مما بعد العصر بخلاف التمهيد فإنه يبتدئ مما بعد الزوال وقريب من هذا ما في الإحياء للغزالي عن كعب الأحبار: أن فضل الساعة المحمودة لمن أدى صلاة الجمعة بحقوقها فدل على أن الغرض الساعة، ولم يتكلم العراقي المخرج لما في الإحياء على هذا النقل بشيء وأقول: إن حديث «يوافقها عبد مسلم يصلي قائماً» إلخ مراده أنه يصلي أي يأتي بالجمعة بحقوقها، وكذلك أقول: يشترط فضل الساعة لمن أدى العصر أيضاً بحقوقها فالمراد بـ «يصلي» قائماً أنه يداوم على الصلاة لا أن يكون مصلياً في الحال، ولا نحتاج إلى تأويل أن منتظر الصلاة مصلي بل المراد من الصلاة هي صلاة تقع مقدمة لذلك الوقت أي الساعة المحمودة، ومثل هذا وجدت عن كعب الإحبار في الإحياء، وفي مسلم عن أبي هريرة عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أن بدأ الخلق كان من يوم السبت» ويخالفه ما في القرآن العزيز فإن ظاهر القرآن يدل على أن الخلق امتد إلى ستة أيام وآخرهم خلقاً آدم وخلق يوم الجمعة فعلم أن بدء الخلق من يوم الأحد، والسبت كان خالياً، فحديث مسلم أعله جماعة منهم البخاري بأن أبا هريرة سمع هذا القول من كعب الأحبار، ذكره ابن كثير فرفعه الراوي إلى صاحب الشريعة، والمختار أن الخلق ابتدئ به من السبت إلى الخميس ثم استوى على العرش
وبعد ذلك خلق آدم في جمعة أخرى فإن التمسك بظاهر القرآن أولى.
ثم سأل سائل أن الأيام الستة هذه لأسبوع أو لأسابيع عديدة؟ وظاهر القرآن أنها لأسبوع واحد، لكن كان كل يوم مقدار ألف سنة مما تعدون.
قوله: (وفي الباب الخ) أي في باب فضل الساعة المحمودة لا في أنها بعد الزوال أو بعد العصر.

الصفحة 7