كتاب السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصحيحة (اسم الجزء: 2)
سرية الرجيع
لكن ما علاقة بني لحيان. بمن هلك من طواغيت قريش على أرض بدر؟ .. أحد الصحابة يجيب ويسرد علينا قصة عاصم قائد هذه السرية وأصحابه، فيقول:
(بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - "عشرة رهط" عينًا، وأمَّر عليهم عاصم بن ثابت -وهو جد عاصم بن عمر بن الخطاب- فانطلقوا حتى كانوا "بالهدأة" بين عسفان ومكة، ذكروا لحي من هذيل يقال لهم: بنو لحيان، فتبعوهم بقريب من مائة رامٍ، فاقتصوا آثارهم حتى أتوا منزلًا نزلوه، فوجدوا فيه نوى تمر تزوّدوه من المدينة، فقالوا: هذا تمر يثرب. فتبعوا آثارهم حتى لحقوهم، فلما "رآهم" عاصم وأصحابه لجأوا إلى فدفد (¬1)، وجاء القوم فأحاطوا بهم فقالوا: لكم العهد والميثاق، إن نزلتم إلينا أن لا نقتل منكم رجلًا. فقال عاصم "أمير السرية":
أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر، اللهمّ أخبر عنا نبيّك. فقاتلوهم حتى قتل عاصمًا في سبعة نفر بالنبل (¬2). وبقي خبيب وزيد ورجل آخر فأعطوهم العهد والميثاق، فلما أعطوهم العهد والميثاق نزلوا إليهم، فلما استمكنوا منهم حلوا أوتار قسيهم فربطوهم بها.
فقال الرجل الثالث الذي معهما رضي الله عنه: هذا أول الغدر.
فأبي أن يصحبهم، فجرّوه وعالجوه على أن يصحبهم، فلم يفعل، فقتلوه، وانطلقوا بخبيب وزيد .. حتى باعوهما بمكة، فاشترى خبيبًا بنو الحارث بن عامر بن نوفل - وكان خبيب هو قتل الحارث بن عامر يوم بدر.
¬__________
(¬1) الرابية المرتفعة.
(¬2) أي قتلوا سبعة من الصحابة أحدهم عاصم رضي الله عنهم جميعًا.