كتاب السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصحيحة (اسم الجزء: 2)

فمكث "خبيب" عندهم أسيرًا، حتى إذا أجمعوا قتله (¬1)، استعار موسي من بعض بنات الحارث ليستحدّ بها (¬2)، فأعارته. قالت: فغفلت عن صبي لي، فدرج إليه (¬3) حتى أتاه فوضعه في فخذه. فلما رأيته فزعت فزعةً عرف ذلك مني وفي يده الموسي. فقال:
أتخشين أن أقتله؟ ما كنت لأفعل ذلك إن شاء الله تعالى.
وكانت تقول: ما رأيت أسيرًا قطّ خيرًا من خبيب، لقد رأيته يأكل من قطف (¬4) عنب وما بمكة يومئذ ثمرة - وإنه لموثق في الحديد، وما كان إلا رزق رزقه الله "خبيبًا".
فخرجوا به من الحرم (¬5) ليقتلوه "في الحل"، فقال رضي الله عنه: دعوني أصلى ركعتين "ذروني أركع ركعتين، فتركوه، فركع ركعتين" ثم انصرف إليهم، فقال:
لولا أن "تظنوا" أن ما بي جزع من الموت لزدت "لطوّلتها"، فكان أوّل من سن الركعتين عند القتل هو. ثم قال:
اللهمّ أحصهم عددًا، واقتلهم بددًا، ولا تبق منهم أحدًا.
ثم أنشأ يقول:
فلست أبالي حين أقتل مسلمًا ... على أي شقّ كان لله مصرعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ ... يبارك على أوصال شلو ممزع
¬__________
(¬1) قرروا قتله ثأرًا لقتله والدهم الحارث.
(¬2) طلب موسي ليحلق بعض شعره.
(¬3) مشى الطفل حتى دخل على خبيب والموسى بيده.
(¬4) القطف هو العنقود ساعة قطفه.
(¬5) كان المشركون يحترمون منطقة الحرم لذلك خرجوا به إلى منطقة الحل.

الصفحة 296