كتاب السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصحيحة (اسم الجزء: 2)

المسلم .. وعلى ذلك الصحابي المدعوّ حنظلة بقوله - صلى الله عليه وسلم -: (والذي نفسي بيده، لو كنتم تكونون في بيوتكم على الحالة التي تكونون عليها عندي، لصافحتكم الملائكة، ولأظلّتكم بأجنحتها، ولكن يا حنظلة: ساعة وساعة) (¬1)
وعندما حاول ذلك الصحابي العظيم عثمان بن مظعون .. أن يمحو الساعة الثانية ويبقى في ساعة عبادة ممتدة من النوم إلى النوم أوقفه - صلى الله عليه وسلم - وأعاده إلى سنّته .. إلى بشريّته .. فلا رهبانية في الإِسلام ولا تطرّف .. تقول عائشة رضي الله عنها:
(دخلت امرأة عثمان بن مظعون على نساء النبي - صلى الله عليه وسلم -، فرأينها سيئة الهيئة، فقلن لها: مالك؟ فما في قريش أغنى من بعلك. قالت: ما لنا منه شيء، أما ليله فقائم، وأما نهاره فصائم، فدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرن ذلك له، فلقيه، فقال: يا عثمان بن مظعون .. أما لك بي أسوة؟ فقال: بأبي وأمي، وما ذاك؟ قال - صلى الله عليه وسلم -: تصوم النهار وتقوم الليل؟ قال: إني لأفعل. قال - صلى الله عليه وسلم -: "يا عثمان إن الرهبانية لم تكتب علينا .. أما لك فيّ أسوة؟ أما والله إن أخشاكم لله، وأحفظكم لحدوده لأنا" فأتتهن بعد ذلك وهي عطرة كأنها عروس، فقلن: مه؟ قالت: أصابنا ما أصاب الناس) (¬2) .. لم تشتك تلك المرأة الفاضلة من بخل ولا قلّة مال .. لم تشتك حتى من زوجها .. لكنها بثّت ما بصدرها لنساء النبي - صلى الله عليه وسلم - .. عبرت عن حاجة المرأة إلى وصال الزوج وحبّه .. وإلّا فإذا ستذبل .. وذبول المرأة يعرف بعدم اهتمامها بنفسها وأناقتها وأنوثتها .. أعاد النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك الرجل النقى التقي إلى أجواء
¬__________
(¬1) حديث صحيح - صحيح الجامع (2/ 1190) وهما عند مسلم.
(¬2) حديث صحيح مر معنا. ورواه عبد الرزاق بسند صحيح (6/ 167) عن معمر عن الزهريّ عن عروة وعمرة عن عائشة.

الصفحة 339