كتاب المنهاج في شعب الإيمان (اسم الجزء: 2)

فنضحه في وجهها. فكانت بعد ذلك في المصائب ترمي الدموع من عينيها ولا تسيل على خدها. والأخبار في دعواته المستجابة في عظائم الأمور كثيرة.
ومنها ما روى عيسي بن مطاوع بن مسعود، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمى أباه مطاعًا، وقال له يومًا: جاءني جبريل صلوات الله عليه، فأخبرني إن ابن مسعود يقاتلني بكرة مشركًا ويأتيني بالعشى مؤمنًا، فلما كان من زوال الشمس، قالوا: يا بني الله أما ترى شخصًا مقبلاً فأقبل مسعود إلى النبي صلى الله عليه وسلم فآمن.
ومنها أن الله عز وجل أمده يوم بدر بألف من الملائكة فقاتلت معه، وقال مالك بن ربيعة للذين كان يحدثهم بعدما ذهب بصره، لو كنت معكم ببدر ومعي بصري لأريتكم الشعب الذي صفت به الملائكة، لا أشك ولا أعادي.
وقال ابن عباس رضي الله عنه عن رجل من ظفار قال: أقبلت أنا وابن عم لي حتى اصعدنا في جبل أشرف بنا على بدر إذ دنت منا سحابة وسمعت فيها حمحمة الخيل، وسمعت قائلاً يقول: أقدم حيزوم. فأما ابن عمي فانكشف قناع قتله فمات. وأما أنا فكدت أهلك ثم تماسكت.
وقال ابن دارة: حدثني رجل من قومي قال: أبي المنهزم يوم بدر، إذ أبصرت رجلاً منهزمًا بين يدي، فقلت ألحقه فاستأنس به قندلي من حرف فلحقته، فإذا رأسه مذ زائله ساقطًا وما رأيت قربه أحدًا.
وقال أبو داود المازني إني لأتبع رجلا من المشركين يوم بدر لأضربه إذ وقع رأسه قبل أن يصل إليه سيفي، فعرفت أن قد قتله غيري. وروى أن رجلا من الأنصار حضر أحدًا والعباس يوم بدر أسيرًا، فقال العباس: يا رسول الله، إن هذا والله ما أسرني. لقد أسرني رجل أجلخ من أحسن الناس وجهًا على فرس ما أراه في القوم. فقال الأنصاري: أنا أسيره يا رسول الله، فقال له: اسكت قد أيدك الله بملك كريم.
ومنها أنه لما أتي بالعباس أسيرًا فأفداه بمائة أوقية من ذهب، فقال: للقرابة، صنعت هكذا فوالذي يحلف به العباس، لقد تركني فقير قريش ما بقيت كيف يكون فقيرًا وقد استودعت بنادق الذهب أم الفضل ثم أقبلت إلي فقلت: إن قبلت فقد تركتك غنيه ما

الصفحة 103