كتاب المنهاج في شعب الإيمان (اسم الجزء: 2)

النبي {وأما سائر الأنبياء صلوات الله عليهم فإنه دعاهم بأسمائهم. فقال:} يا آدم، اسكن أنت وزوجك الجنة {} ويا آدم أنبئهم بأسمائهم {} يا نوح، إنه ليس من أهلك، يا نوح اهبط بسلام منا {} يا إبراهيم اعرض عن هذا {} يا موسى إني أنا الله {} يوسف اعرض عن هذا {} يا عيسى بن مريم أأنت قلت للناس {.
وهذا في الشريعة والصلوات دلالة التفضيل لمن يدعي باسم شخصه، إلا ترى أن الأعراب لما كانوا إذا دعوا رسول الله، قالوا: يا محمد، ويا أبا القاسم، نهوا عن ذلك، وقيل:} لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضًا {. أي عظموه وفخموه فقولوا: يا بني الله، ويا رسول الله، وكذلك عادة الناس، لأن الوالد يدعو الولد باسمه، والولد لا يدعو الوالد باسمه. والعالم يدعو المتعلم باسمه، والمتعلم لا يدعو العالم باسمه، فلما فاوت الله تعالى بين الأنبياء عليهم السلام فدعاهم كلهم بأسمائهم إلا محمد صلى الله عليه وسلم، فإنه دعاه باسم النبوة والرسالة، علمنا أنه أراد بذلك إظهار كرامته وفضله على إخوانه، إذا كان يستحيل أن يقال أنه فضله على نفسه والله أعلم.
ومما يدل على فضله صلى الله عليه وسلم: ما ورد به الخبر من أن آدم في الجنة يكنى أبا محمد فلولا أنه أفضل النبيين لما خص عند القصد إلى أن يكنى باسم أحدهم دون اسم نبينا صلى الله عليه وسلم فيكنى به دون اسم نوح أو إبراهيم أو غيرهما. وفي تخصيصه بذلك ما يدل على أن أفضلهم، وأولادهم بأن يحمل آدم أن يدعى أباه والله أعلم.
فإن قال قائل: من أين استجزت المفاضلة بين الأنبياء، ثم تفضيل أحد منهم على غيرهم وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا تخايروا بين الأنبياء).
قيل له: قد قال الله عز وجل "تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض" فأخبر أنه

الصفحة 117