كتاب المنهاج في شعب الإيمان (اسم الجزء: 2)

العالمين}، ولم يرد إلا أهل البيت. ثم فسر فقال:} ذرية بعضها من بعض {. وقال حكاية عن يعقوب عليه السلام أنه قال ليوسف صلوات الله عليه:} وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث، ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب، كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق {. وإنما أراد بآل يعقوب أهل نسبه لا عامة أهل دينه، فقال عز وجل:} فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكًا عظيمًا {. وأراد به نسله والراجعين بأنسابهم لا عامة المؤمنين به. وكانت العرب تقول: (قريش آل الله) أي خاصته من حيث أنهم سكان حرمه. وقد يدعي الواحد نفسه لأنه أخص من نفسه، وذلك يشير أن اسم الآل موضوع للخصوص دون العموم. قال الله عز وجل:} وبقية مما ترك موسى وآل هارون {فقيل: ما ترك موسى وهارون؟ وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي أوفى لما جاءه بصدقه: (اللهم صلي على آل أبي أوفى)، ويريد بذلك إياه نفسه.
وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع أبا موسى الأشعري يقرأ، فقال: (لقد أوتي مزمارًا من مزامير آل داود) وإنما أراد داود نفسه، فإنه كان الموصوف بحسن الصوت، واجتماع الناس والطير والوحوش على صوته إذا قرأ الزبور، لا أحد سواه.
وقال عبد الله بن مسعود: إذا وقفت في آل حم، وقعت في روضات فيهن، وإنما أراد بآل حم، سورة حم.
فإذا ظهر أن اسم الآل للخصوص، حتى يدعي الواحد إلى نفسه، ظهر أن آل كل واحد، فهو ينزل منزلة نفسه، لاختلاط الأبدان وامشاحها، وهم القرابات والله أعلم.
وأما الأزواج فإن اسم الأهل أغلب عليهن، فيقال لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم أهله، وكذلك أزواج غيره، فمن أهل لأزواجهن، ولذلك يقال تأهل الرجل إذا تزوج، ويقال: بنى

الصفحة 138