كتاب المنهاج في شعب الإيمان (اسم الجزء: 2)

قال: شؤم الفرس صعوبة رأسه ومنع جانبه، وشؤم المرأة صلافتها وسوء خلقها، وشؤم الدار شر جوارها، وضيق فنائها). فبان بهذا أن الشؤم التي وصفت هذه الثلاثة إنما هو المضار والمفاسد، وليس من قبل الطيرة والله أعلم.
وهكذا قوله صلى الله عليه وسلم: (فر من المجذوم فرارك من الأسد) ومن يحب المضار، لأن الجذام معد مقب، أعني تعدى من شخص إلى شخص، ويؤخذ في النسل. والأمراض منها معدية وهي سبعة: الجدة والجدري والحصبة والنحر والرمد والأمراض الوبائية ومنها معقبة وهي أيضًا سبعة: البرص والدق والسيل والمالتحو لنا والصرع والتضرس وواحد اجتمع فيه المعنيان فهو معد معقب وهو الجذام. فكان الأمر بالفرار من المجذوم لهذا الأمر، إلا من قبل التطير، كما أن الفرار من الأسد لخوف افتراسه، والتباعد من النار لخوف إحراقها لا من قبل التطير.
وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه تزوج امرأة، فرأى بكشحها بياضًا فقال لها (الحقي بأهلك) وذلك لأنه يقدرها. فذلك من باب تجنب الضرر لأن حب النفس مما شاهده ضرب من الطير، كما أن إزالة النجاسة عن الثوب أو البدن تطهر وليس بتطير والله أعلم.
فإن قيل: أليس جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا عدوى" وقيل له أباح البقية تكون بسفر البعير لتجرب الإبل كلها، فقال "ما أعدى الأول".
قيل: قد روى بإزاء هذا أنه صلى الله عليه وسلم قال: "لا يوردن ذو عاهة على مصح" وفي هذا إثبات العدوى. فقد يجوز أن يكون عليه السلام أراد لا عدوى إلا بقدر الله، خلاف ما كان يظن. من أن الطبع يوجب ذلك، ولا يمكن غيره.
وإن كان ذلك فما أجرب الأول وإنما قلنا هذا لأن القوم لو كانوا لم يقولوا هذا، ولم

الصفحة 22