كتاب المنهاج في شعب الإيمان (اسم الجزء: 2)

فلم آخذها حتى أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال: (هل قلت غير هذا؟ قلت: لا، فقال: كلها بسم الله فلعمري من أكل برقية باطل فقد أكلت برقية حق).
وقال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: (إن إناسًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أتوا على حي من أحياء العرب فلم يقروهم، فبينما هم كذلك، إذ لدغ سيدهم فقال: هل من راق؟ فقلت: أنا، ولكنكم لم تقرونا، فلم نفعل حتى تجعلوا لنا جعلاً فقالوا: إنا نعطيكم ثلاثين شاة. فقرأت فاتحة الكتاب سبع مرات، فبرأ. فأتوا بالشاة، فقلنا: لا تعجلوا حتى نسل عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما قدمنا عليه، ذكرت له الذي صنعت فقال: ما أدراك أنها رقية، خذوها واضربوا لي منها بسهم) ويروى، قال: نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرقى. وكان عند آل عمرو ابن حزم رقية يرقون بها من العرب فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فعرضوها عليه وقالوا: إنك نهيت عن الرقي، فقال: (من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل) ويحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الرقي في المجهولة التي لا تعرف حقائقها. فأما ما كان له أصل موثوق به، وعلى أنه قد جاء عن طريق أنس. وخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرقية في العين والحمة.
وروى أن الشفاء بنت عبد الله قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا قاعدة عند حفصة بنت عمر، قال: (ما يمنعك أن تعملي هذه رقية النملة) فدل هذا الحديث على أن ترخيصه في الرقية من العين والحمة. وقوله الذي يروى عنه: (لا رقية إلا من عين أو حمة) يراد به ما نص عليه وما يشبهه من الأدواء الخفية. فأما الكسر والجرح فإنما لهما الدواء بدون الرقية، والعين لها الرقية، ولا دواء لها، والحمة لها الدواء والرقية معًا والله أعلم.
وروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سافر فنزل منزلاً قال: (يا أرض ربي وربك الله،

الصفحة 37