كتاب المنهاج في شعب الإيمان (اسم الجزء: 2)

قال: كانوا يكرهون النفث في الرقي. وقال بعضهم: دخلت على الضحاك وهو وجع فقلت: لا أعوذك يا أبا محمد، قال: بلى. ولكنه لا تنفث. فعوذته بالمعوذتين. وإذا اختلفوا فالحاكم بينهم السنة.
وعن عائشة رضي الله عنها (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفث في الرقية) وعن محمد بن حاطب. أن يده احترقت، فأتت أمه به النبي صلى الله عليه وسلم. فجعل ينفث عليها ويتكلم بكلام زعم أنه لم يحفظه. وقال محمد بن الأشعث ذهب أبي إلى عائشة رضي الله عنها وفي عيني سوء فرقتني ونفثت.
وسئل محمد بن سيرين عن الرقية ينفث فيها. فقال: لا أعلم به بأسًا وإمامًا. روى عن عكرمة رضي الله عنه في قوله: "لا ينبغي للراقي أن ينفث ولا يمسح ولا يعقد، فإنه ذهب فيه على أن الله تعالى جعل النفث في العقد مما يستفاد فيه، فلا يكون بنفسه عوده، وليس هذا هكذا لأن النفث في العقد إذا كان مذمومًا لم يجز أن يكون النفث بلا عقد مذمومًا، ولأن النفث في العقد، إنما أريد به السحر المضر بالأرواح والأبدان. وهذا النفث لاستصلاح الأبدان والنفوس فلا يقاس ما ينفع بما يضر.
وأيضًا فإن النفث في العقد السحر إذا كره. فذلك النفث فيستعان على اتصال السحر إلى المسحور، وجب أن يستحب النفث في الرقية والعوذة لأنه يستعان به على اتصال ما يقرأ من الراقي والتعوذ والله أعلم. وقد كره عكرمة المسح. والسنة جاءت بخلافه، لأنه يروى عن علي رضي الله عنه أنه قال: اشتكيت، فدخل على النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أقول: اللهم أن أجلي قد حضر فارحمني وإن كان متأخرًا فاشفني أو عافني، وإن كان بلاء فضر بي. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: كيف قلت له: قال فسحبني بيده ثم قال: (اللهم اشفه أو عافه فما عاد ذلك الوجع).
وقد دخل في جملة ما روينا الاسترقاء، منه العين. ومما جاء به خاصة قول النبي صلى الله عليه وسلم

الصفحة 40