كتاب المنهاج في شعب الإيمان (اسم الجزء: 2)

عند الماء، وتحت الميزان، وخلف المقام، وفي الطواف وبعرفة ومنى ويجمع، وعند الحجرات الثلاث، وعلى الصفا والمروة، وفي البيت، وعند زمزم، وفي المشعر.
وما يبين عظم تحريمة المعظم، أنه ليس لأحد أن يدخله إلا محرمًا لحج أو لعمرة إلا من كان يتردد من أهلها من الحل إلى الحرم، ومن الحرم إلى الحل في حوائج أهلها كالحطابين والدعاة وحملة الألبان، الذين يتعذر عليهم أن يجمعوا بين النسك وبين ما هم بصدده من الشغل. واتفق العلماء على هذا حتى قال بعضهم: أن دخل الحرم بغير إحرام فعليه القضاء، فبان بجميع ما اقتضيناه جلال قدر الحرم وما يلزم من تعظيمه وتفخيم أمره والله أعلم.
ثم جاء في فضل الحج والعمرة والحث على المبايعة بينهما، والتغليظ على تارك الحج، مثل ما جاء في تعظيم شأن الحرم. قال النبي صلى الله عليه وسلم: (تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر، كما ينفي الكير خبث الحديد). وجاء عنه صلى الله عليه وسلم: (الحج المبرور ليس له ثواب إلا الجنة). وقال ابن عباس رضي الله عنهما: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كان عنده مال يبلغه الحج فلم يحج، أو عنده مال تحل فيه الزكاة فلم يزكه، سأل عند الموت الرجعة).
فقيل يا ابن عباس: أنا كنا نرى هذا للكافر! قال: إنما اقرأ عليكم به قرآنًا: {يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله، ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون. وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت، فيقول: رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين}. قال الحسن بن صالح في تفسيره: فأزكي وأحج.
وقال سعيد بن جبير: لو مات جار لي وله ميسره، ولم يحج لم أصل عليه. وقال الأسود لمولاه حقلاص: هل حججت، لئن مت ولم تحج لم أصل عليك، وقال رسول

الصفحة 424