كتاب المنهاج في شعب الإيمان (اسم الجزء: 2)

عائذ به من النار). فيكون قوله: سمع بما كان من نعمة الله علينا، وبحمدنا فإنه صاحبنا فأفضل علينا، فنحن نحمده على ذلك ونستعيذ به من النار. ومن الناس من يقول: صاحبنا فأفضل علينا، يعني النداء.
وإذا أقبل الليل فقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا سافر فأدركه الليل قال: (يا أرض، ربي وربك الله، أعوذ بالله من شرك وشر ما فيك وشر ما يخرج منك، وشر ما يدب عليك. وأعوذ بالله من أسد وأسود وحية وعقرب، ومن شر ساكني البلد ووالد وما ولد).
وإذا نزل منزلاً، فإنه يروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من نزل منزلاً فقال: أعوذ بكلمات الله التامة من شر ما خلق، لم يضره في ذلك المنزل شيء حتى يرتحل منه).
وحسن أن يتعوذ عند إقبال كل ليلة وإقبال كل نهار بالمعوذتين، وكذلك إذا نزل منزلاً، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما تعوذ المتعوذون بمثلهما). وكلما ارتحل من منزل ودعه بركعتين، فإنه يروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سافر فنزل منزلاً، فأراد أن يرتحل ودع المنزل بركعتين. وإذا طال السير ومل الناس وخيف أن يغلب النعاس، فلا بأس أن يحدو الحادي وينشد المنشد من أراجيز الأعراب التي لا عناء فيها ولا فحش. ولا يسبت بمن لا يحل، يرون أن البراء كان حميد الحداء وكان حادي الحال، وكان أبخشة يحدوا بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم فلما حدا أعتقت الإبل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (يا أنجشة، رويدًا سوقك بالقوارير).
وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسير من مكة إلى المدينة في جوف الليل إذا سمع رفقة فيها حادي، فأتاهم هو وصاحب له، فسلم ثم قال: (من القوم؟ قالوا: من مضر. قال: وأنا من مضر، ونادي حادينا فسمعنا حاديكم فدنونا منه: يا رسول الله، أما أنا نقول: أنا

الصفحة 429