وقال طارق بن شهاب: ضرب على الناس بعث، فخرج مع سلمان الفارسي فقلت: أخدمه. فجعلت إذا عجنت ذهب واختبز، وإن علفت الدواب ذهب واحتطب، فجعلت لا أعمل عملاً إلا عمل مثله وأفضل منه حتى جعل لا أدري أينا أفضل على صاحبه.
وقال معاوية بن قرة: إذا اصطحب الرجلان فتقدم أحدهما فقد لبى الصحبة، وينبغي أن يبسط في الاتفاق إذا كان خارجًا إلى الحج. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (النفقة في الحج كالنفقة في سبيل الله بسبعمائة ضعف). وإنما يراد بهذا الإعانة والمواساة لا الإستكثار من ألوان الطعام والشراب.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (حج مبرور ليس له جزاء إلا الجنة. قالوا: يا نبي الله، وما ترى الحج؟ قال: إطعام الطعام، وطيب الكلام).
وإن اجتمعت الرفقة على المناهدة وتراضوا بها فلا بأس وقد فعلها قوم من السلف إلا أن تركها الشبه بالورع. وإن كانت الرفقة تجتمع كل يوم على طعام أحدهم، فذاك أحب إلي من الشهد، لأنهم يتناهدون إلا لنصب كل واحد منهم من ماله، ثم لا يدري أحدهم يقصر عن ماله، ويأكل غيره أكثر من ماله. وإن كان يومًا عند هذا، ويومًا عند هذا فلا شرط، فإنما يكونون أصنافًا وكل ما كان أشد انبساطًا منها دعي إليه، وكان أكرم على من دعاه، وأحب إليه.
وقال أيوب السجستاني: إنما كان النهد أن القوم إذا كانوا في السفريسبق أحدهم المنزل فيدلج، ويهيء الطعام، ثم يأتيهم، ثم يسبق أيضًا إلى المنزل. فيفعل مثل ذلك. فقالوا إن هذا الذي يصنع، كلنا نحب أن نصنع مثل هذا، فتعالوا نجعل شيئًا فشيئًا، لا يفضل بعضنا على بعض فوضعوا لهديتهم، وكان الصلحاء إذا تناهدوا ويحتذي أفضلهم أن يزيد على ما يخرجه أصحابه وإن لم يرضوه بذلك منه إذا علموا فعله سرا منهم دونهم.
قال أحد أصحاب الحسن: كان الحسن يجازينا، فكان النهد يوضع على يدي فيعطيني