أو التباس الطريق عليهم، فليتنحوا عن الطريق لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (عليكم بسير الليل فإن الأرض تطوى بالليل ما لا تطوى بالنهار، وإياكم والتفرس على الطريق فإنها طرق الدواب ومأوى الحيات، وإذا تغولت عليكم الغيلان فافزعوا إلى الآذان). ومعنى أن الأرض تطوى بالليل: إن السير ينشر بالليل ما لا ينشر بالنهار فإن الناس قد يهتمون للأكل والشراب، فينزلون له، وربما تأخر واحد وتقدم واحد، فيسير كل واحد منهم كما يكون أرفق له اعتمادًا على صاحبه وأنه لا يضل مع الطريق ولا يخفي على الرفيق حال الرفيق، وقد ندعوا ذلك المتقدم إلى أن يقف على المتأخر فينتظره، وإذا سافروا بالليل اجتمعوا ولم يتخلف بعضهم عن بعض خيفة أن يضل المتخلف الطريق، وأن يخفى على المتقدم حال المتأخر فلا يقف على عارض إن عرض له، فيقيم عليه، ولا يتعلق القلب فيه بمأكل أو مشرب، وإنما يكون الهم كله السير، ومن شأن الدواب إذا تزاحمت أن تتسابق وترى كل واحد منها أن تسبق ولا تسبق، فهي لذلك تسرع السير (في الليل) وتطوي الأرض بأقدامها أشد ما تطوي بالنهار والله أعلم.
ولا ينبغي لراكب دابة أو حامل عليها أن يلعنها أو يضرب وجهها، أو يضربها في غير وقت الضرب، أو فوق ما تدعو الحاجة إليه، فإنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن امرأة من الأنصار كانت على ناقة لها في بعض المسير فضجرت، فلعنتها. فقال صلى الله علي وسلم: (خذوا متاعكم عنها ودعوها فإنها ملعونة). فكانت تجول في الناس لا يعرض لها أحد.
وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر، فلعن رجل ناقته، فقال: (أين الذي يلعن ناقته؟ فقال الرجل: أنا هذا يا رسول الله، فقال: أخرها عنك فقد أخسها).
فلا ينبغي لعن الراحلة لأن صاحبها لا يدري لعله يخاف منها، فلا يتضرر بذلك غيره. ولأنه إن كان يلعنها لما يشكوه منها، فهي إذا أدركها اللعن صارت شرًا، ولم تزدد خيرًا، فلا معنى إذًا للعن.
وأما ضرب الوجه، فقد روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: لا تسبوا طريق