كتاب المنهاج في شعب الإيمان (اسم الجزء: 2)

السبكة، ولا تزيدوا في ثلاثة على دابة، وإذا ضربتم فاتقوا وجوه البهائم، فإنه ليس من شيء إلا يسبح بحمده، وإذا دعت الحاجة إلى الضرب فلا بأس، قال جابر: بينما أنا أسير على جمل، فيه تنازعني خطاياه. وإذا كان في السير ركاب ومشاة، فمن كان فوق الظهر، فينبغي له أن يرتدف من المشاة واحدًا في بعض الطريق نفسه بذلك، ومن لم يكن ظهره بذلك القوى فليقف، وأما الارتداف، فقد جاء فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا سافر وغزا، أردف كل يوم رجلاً من أصحابه.
وأما الأعقاب، فإن جابرًا روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يغزو، فقال: (يا معشر الأنصار، أن من أخوانكم قومًا ليس لهم مال ولا عشيرة: فليقم إليه الرجلان والثلاثة، فما لأحد، من ظهر يحمله جمله إلا عقبه كعقبة أحدهم: فضممت إلي اثنين أو ثلاثة مالي من حمل إلا عقبة واحدة كعقبة أحدهم).
وينبغي لأصحاب الدواب أن ينزلوا عنها في بعض الأوقات ويريحوها، كذلك إذا كان للرجل دابة واحدة. وأما من كانت له دابتان، فإنه يريح إحداهما بالأخرى. روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقود راحلته في السفر ويمشي هنيهة بعد العصر وبعد الصبح. وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من مشى عن دابة له عقبة كان له عتق رقبة).
وقال بعضهم: رأيت الحسين بن علي رضي الله عنهما في طريق مكة بفرس، فإذا حل الصبح أمر بدابته، فعاد وخرج يمشي، فأمر عباد الله أخذ يمر به فيجوز، حتى رأيت سعد بن أبي وقاص نظر إليه فأباح، ثم جاء يمشي إلى جنبه. فإذا أكثر الناس دعا بدابته فركب، وقال الزهري: كان أبو بكر وعمر وعثمان يقتادون بعد الصبح حتى تطلع الشمس، يرون أن ذلك سنة لا يسع تركها. فهذه آداب الركاب وسنتهم.
ومن الكلام في أصل الباب: إن من قدر على الحج ماشيًا، فذاك أفضل له من الحج راكبًا. ومن عجز عن المشي من بيته، فليمش من المقيات إذا أحرم. ومن عجز عن ذلك فليمشي إذا بلغ الحرم. ومن عجز عن ذلك فليمشي من الابطح إذا اغتسل وأراد

الصفحة 436