كتاب المنهاج في شعب الإيمان (اسم الجزء: 2)

وهي: محمد، وأحمد، والحاشر، والماحي، والمقفي، والعاقب، والخاتم، ونبي الرحمة، ونبي التوبة، ونبي الملحمة.
فأما محمد وأحمد فاسمان نم أسماء الأعلام التي يراد بها التمييز بين الأشخاص، وهذه الأسماء وإن كان لا يراد ما تحتها من المعاني فالذي يشتمل منها على معنى من معاني الفصل مقدم في الاستحسان على خلافه. ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل (ما اسمك؟ قال: حزن. قال: أنت سهل) وقد كان الكفار يضنون بهذين الاسمين عليه فيقولون مذمم حتى قال صلى الله عليه وسلم (ألا تعجبون كيف يصدق الله عز وجل عني بشتم قريس ولعنهم؟ يسبون مذممًا ويلعنون مذممًا وأنا محمد) ومن تأمل علم أنه ليس من أسماء الناس ما يجمع من الحسن والفضل ما ينتظمه محمد وأحمد، لأن محمدا هو المبالغ في حمده، والحمد في هذا الموضع المدح، وأحمد هو الأحق بالحمد وهو المدح أيضًا. فمن سمي بهذين الاسمين، فقد سمي بأجمع الأسماء لمعاني الفضل والله أعلم.
وأما الحاشر فهو الذي يحشر الناس على قدميه. والمعنى أنه أول من يبعث من القبر، وكل من عداه فإنما يبعثون بعده. وهو أول من يذهب إلى المحشر ثم الناس بعد على أثره.
وأما الماحي فمعناه أنه يمحي به الكفر وكل باطل، وقيل يمحى به سيئات من اتبعه وإذا كان معنى الحاشر والماحي ما ذكرنا، فمعلوم أن الله تعالى هو الحاشر والماحي، وإنما سمي النبي صلى الله عليه وسلم بهذين الاسمين، لأن الله عز وجل يحتمل حشره سببًا لحشر غيره، ونبوته سببًا لإرهاق الباطل كله من الكفر وغيره. فصار من طريق التقدير كأنه الحاشر والماحي.
وأما المقفي فمعناه المتبع، فقد يحتمل أن يكون المراد المقفي لإبراهيم صلوات الله عليه فإن الله عز وجل قال:} ثم أوحينا إليك أن أتبع ملة إبراهيم حنيفا {. ويحتمل أن يكون المقفي لموسى وعيسى وغيرهما من أنبياء بني إسرائيل عليهم السلام، لنقل قومهم عن إتباعهم إلى إتباعهم، وعن اليهودية والنصرانية إلى الحنيفية السمحة.

الصفحة 48