كتاب المنهاج في شعب الإيمان (اسم الجزء: 2)

الواحد منا عبده، نظير أن يكون قد من عليه وقتًا بشيء وسكنت نفسه إليه، فينزعه من كرهًا، ويعوضه خيرًا منه، فيكون ذلك حبسًا منه، فكذلك إيلام الله تعالى العبد للثواب حسن منه، لأنه في هذا المعنى وبالله التوفيق.
ذكر الدلائل على وجوب الشكر: قد بدأنا في أول الباب بقول الله عز وجل: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم} وبينا أن الأذكار عند الأمر بالعبادة بأنه خلق الناس، وجعل لهم الأرض فراشًا والسماء بناء وأنزل من السماء، فأخرج به من الثمرات رزقًا لكم وجعلها رزقًا للناس، ونصًا من الله عز وجل الشكر من عباده، وشكره إنما يكون بعبادته. وذكرنا بعد هذه الآيات آيات في معناها، ومما يلتحق بها قوله عز وجل: {يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم}. وفي عدة مواضع من سورة البقرة. وقوله عز وجل للمسلمين: {ولا تتخذوا آيات الله هزوًا، واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانًا}. وذكرنا هذه الآية في باب حب النبي صلى الله عليه وسلم، وبينا ما فيها من مواقع نعم الله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عندنا، وقال فيما خاطب به بني إسرائيل: {واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم سمعنا وأطعنا}.
وقال في المؤمنين: {يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود، فأرسلنا عليهم ريحًا وجنودًا لم تروها}. وقال: {يا أيها الناس اذكروا نعمة الله عليكم، هل من خالق غير الله يرزقكم}. وقال: {وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون لتستووا على ظهوره، ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه}. وحكي عن موسى بن عمران عليه السلام إنه قال لقومه: {فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون}. وعنه عليه السلام أنه قال لقومه: {يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم}. وقال في عدة مواضع في سورة الرحمن: {فبأي آلاء ربكما تكذبان}. إلا قالوا:

الصفحة 544