كتاب المنهاج في شعب الإيمان (اسم الجزء: 2)

أول من سدل ناصيته بين عينيه كما تسدل نواصي الخيل، ثم جاءه جبريل صلوات الله عليه بالفرق ففرق، وكان أحسن الناس قضاء وأنورهم لونًا لم يصفه واصف قط إلا شبه وجهه بالقمر ليلة البدر. وقال بعضهم: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أصحبان، وهو في حلة حمراء، فجعلت أنظر إليه وإلى القمر فهو كان أدنى في عيني من القمر.
وقال صلى الله عليه وسلم: (إني أشبه الناس بأبي آدم، وكان أبي خليل الرحمن أشبه الناس به خلقًا وخلقًا) وقال بعضهم: كان أقنى العرنين، له نور يعلوه بجبينه، من لم يتأمله أثم، وكان كفه كأنه كف عطار مس طيبًا، أو لم يمسه بمصافحة المصافح فيظل يوم يجد ريحها أو يضعها على رأس الصبي فيعرف من بين الصبيان من ريحها على رأسه وكان بين القوم إذا سارع إلى خير أو مشى إليه، ويسوقهم إذا لم يسارع إلى شيء. وكان واسع الظهر، بين كتفيه خاتم النبوة، وهو مما يلي منكبه الأيمن، فيه شامة سوداء تضرب إلى الصفرة، حولها شعرات متواليات، كأنها من عرق فرس. ومنهم من قال: كانت شامة النبوة بأسفل كتفه خضراء منحفوة في اللحم قليلاً، وكان إذا طلع جبينه من بين السفر أو عند طفل الليل، أو طلع بوجهه على الناس، رأو جبينه كأنه ضوء السراج المتوقد تلألأ.
تفسير ما عسى يشكل من ألفاظ هذه الأخبار:
قوله: فخمًا مفخمًا، أي ممتلئ الوجه جميلاً مهيبًا. والمربوع: بين الطويل والقصير. والمشذب: المفرط في الطول. رجل الشعر: أي ليس بالسبط الذي لا يكثر فيه. والقطط: الشديد الجعوده. والعقيصة: الشعر المعقوص، وهو نحو من المظفور. والرجع في الحاجب: أي يكون فيه تقوس مع طول في أطرافها، وهو السبوع. والقرن: اتصال الحاجبين، فإذا كانت بينهما فرجة فذاك البلح، والعرب تستحبه بينهما عرق يدره القصب، أقنى الأنف أي علوه، والقنا في الأنف: أي يكون مستويًا لا تعوج في نصبته. والشمم: الارتفاع. وقوله: كث اللحية، أي كثيفة من غير عظم ولا طول. ضليع الفم: يعني حد الشفتين. الأشنب: الذي في لسانه دقة وتجرد. والفلج: مفرق الأسنان. والمسربة: الشعر الذي من اللبة إلى السرة. جيد دمية. الجيد العنق، والدمية. الصورة. ضخم الكراديس.

الصفحة 67