كتاب المنهاج في شعب الإيمان (اسم الجزء: 2)

وقالوا من علامات الفهم الدقيقة الطبع أن يكون بين الأبيض والأحمر، ويكون للونه رونق وبرق.
وأما القامة. فقد قالوا أن الاعتدال فيها أن يكون بين الطول والقصر هو من علامات الفهم الرقيق الطبع. وقالوا: أن العين إذا كانت متشربة من السهلة ما يكسر سوادها، كانت أبهر العيون وأقربها من الذكاء والوفاء وحسن الأمانة. وهذه صفة عين المصطفي صلى الله عليه وسلم لأنا روينا أنه كان يمازج الدعج منه خمرة. وقالوا إذا ضيقت العين وحسن ناظرها، ولم يكن رحبًا ولا ضيقًا، فإن ذلك دليل على عقل وصلاح.
وأما الشعر. فإنهم قالوا إذا كان بين السبط والجعد، دل ذلك على الفهم ودقة الطبع. وكذلك ميل الجبهة إلى السعة دليل الفهم والعلم. كما أن مثيلها إلى الضيق دليل على سوء الفهم وقلة العلم. وأما الأنف فإنهم قالوا ارتفاع القصبة واستواء الأنف بالجبهة دليل على الفهم وحسن العقل. وهكذا كان أنفه صلى الله عليه وسلم أقنى الأنف، إلا أنه كان عليه نور يحسبه لأجله من لم يتأمله أشم.
وأما الحاجبان. فإنه يقال فيهما أن القرن دليل على ضيق الخلق، وأن البلج دليل على سعة الخلق، والأخبار كلها سوى خبر أم معبد - ناطقة بأن المصطفي صلى الله عليه وسلم كان أبلج، ويجوز أن يكون البلج يخفى عن الناظر من بعد ولا يدركه، لاسيما أن كان يسيرًا، أو من القرن قريبًا، وأكثر صفاته صلى الله عليه وسلم أنه مائل إلى الاعتدال كشعره وقامته. فلعل حاجبيه كانا بين القرن والبلج. وقالوا: من كان واسع الفم، فهو فم شجاع، وقالوا: اعتدال الفم دليل على الفهم والعقل والحياء، وجاء أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ضلع الفم، فإذا كان الضلع الكبير فهو الواسع الذي هو القول عليه. وإذا كان الضليع التام ليس إلى العظيم أقرب منه إلى الصغير، فهو الذي حكينا قولهم فيه، وقد فسرنا هذا اللفظ بالمعنيين جميعًا.
وأما الرأس. فقد قالوا أن أعظم الرأس واستواءه ما لم يفرط دليل على ارتفاع الهمة وحسن الفهم.

الصفحة 71