كتاب المنهاج في شعب الإيمان (اسم الجزء: 2)

وأما الصدر والأكتاف، فإنهم قالوا: استواء الصدر واتساع جوفه يدل على حسن العقل وكثرة العلم. وأما ضخامة الكراديس وهي ضخامة عظم المنكبين والمرفقين والركبتين والكتف فإنهم قالوا: عن ذلك دليل الشدة والقوة.
وأما طول اليدين. فإنهم قالوا أنه يدل على حسن السيرة وقلة السوء وملء النفس وعظم الهمة. وقالوا: طول العضد يدل على بعد الهمة. وقالوا: كثرة لحم العضد والساعد يدل على سوء الحفظ وبطئ التعلم.
والنبي صلى الله عليه وسلم يجل عن كل وصف مسترذل ما كان، فلا يحل ذكره به ولا إطلاق عليه. فإن ذهب وهم وأهم إلى تحقيق هاتين الصفتين له عليه السلام لما خاطبه الله تعالى من قوله:} ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه، وقل رب زدني علمًا {وقوله:} لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه {قلنا إن كان لضنه بالقرآن وإشفاقه عليه من أن ينساه يتلقى الوحي باستعجال، فيحرك به لسانه ويعيده قبل أن ينقضي على نفسه، فآمنه الله تعالى مما كان يخافه، ونهاه عن العجلة، وأمره أن يدعوه، فيقول:} رب زدني علمًا {فلا يقول: أنه كان يسيء الحفظ ويبطئ التعلم. والذين قالوا هذا لم يعنوا به نبينا، وإنما قالوا ذلك على الجملة.
وجاء في الحديث استواء البطن والصدر مع انتصاب القامة وقوة المفاصل والأصابع علامات الشجاعة. وقالوا أيضًا: لطافة البطن تدل على جودة العقل. وقالوا: استواء الظهر من أعلام الخير والصلاح. وقالوا إذا رأيت الرجل مستوى القامة مشربًا حمرة. رجل الشعر عتل الالواح، ضعيف شعر الجسد العقبين وسعها سبط رحب الصدر، حسن الجبهة، ليس باللحم ولا الضعيف، في عينه شهلة خفيفة مشفر الوجه تبين فيه البشر فلا شك في عقله وفهمه أنه من أهل الحكمة والصلاح. وهذا الذي أجمله هذا القائل قد سبق ذكره مفصلاً فيما بعث به النبي صلى الله عليه وسلم، لأنا ذكرنا في اللواء واستواء القامة، وصفة الشعر، وضخامة الألواح، وأنه كان موصول ما بين اللبة والسرة شعر كالخط وكان عادي الثديين

الصفحة 72