كتاب المنهاج في شعب الإيمان (اسم الجزء: 2)

معانيها. ومن رغب في الزيادة على ما أوردت في هذا الفصل من حال الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم في حسن خلقه وخلقه، فلينظر فيما ألف من شمائله وفضائله ليصل بها إلى أقصى غرضه إن شاء الله.
وأما حدبه على أمته صلى الله عليه وسلم ورأفته بهم فإن الله تعالى يبين بقوله:} لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم، حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم {. وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لم يكن لنبي إلا كانت له دعوة مستجابة، وإني خبأت دعوتي شفاعة).
وعنه صلى الله عليه وسلم. (أنه ضحى بكبشين فقال في أولهما: اللهم عن محمد وآل محمد. وقال في آخرهما: اللهم عن محمد، ومن لم يضح من أمة محمد). وهذا أبلغ ما يكون من البر الشفقة.
وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لولا أن أشق على أمتي لأخرت صلاة العشاء إلى ثلث الليل، ولأمرتهم بالسواك عند كل صلاة). وأنه امتنع من الخروج في الليلة الثالثة من شهر رمضان لما كثر الناس وقال: (خفت أن حرص عليكم فلا ترعوا الحق برعايته، فيصيروا في استحباب الذم أسوة من قبلكم) وهذا كله رأفة ورحمة صلى الله عليه وسلم، وجزاه عنا أفضل جزاء، رسولاً نبيًا عن أمته، وسمى الله تعالى نبينا في كتابه} سراجًا منيرًا {وذلك على معنى. أخرج الناس به من ظلمات الكفر والطغيان إلى نور الهدى والبنيان كما قال عز وجل:} كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور {. وقال:} وأذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانًا، وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها}.

الصفحة 75